نا سيدة في الخامسة والعشرين من عمري, نشأت في أسرة ميسورة الحال بين أبي وأمي وأخي الذي يكبرني, وأمي سيدة ناجحة تشغل منصبا مرموقا, وتعتبر قائد الأسرة وليس أبي, فقد اعتادت أن تتخذ كل القرارات الأساسية في حياتنا العائلية, ويطيعها أبي في كل شئ, ولم يكن انفراد أمي بالقيادة والسيطرة في البيت هو الذي يضايقني, وإنما كان ما يمزقني حقا هو تفضيلها لأخي علي في كل شئ, وبسبب هذه التفرقة بيني وبينه شعرت بالكراهية لأسرتي ونشأت مفتقدة الحب والحنان والاهتمام, وحين التحق أخي بالثانوية العامة ونجح فيها متفوقا والتحق بكلية عملية مرموقة زاد حب أمي له وافتخارها به, وكأنه قد صعد إلي القمر ورجع بقطعة منه! وأصبح لا شاغل لها إلا الحديث عنه وعن تفوقه وأخلاقه, ثم جاء دوري مع الثانوية العامة واختارت لي أمي الالتحاق بنفس الشعب التي درس بها شقيقي, واختارت لي كذلك نفس المدرسين الخصوصيين الذين تلقي الدروس علي أيديهم, وهنا بدأت حياتي تتغير تغيرا كبيرا.. فلقد التقيت بأحد هؤلاء المدرسين, وهو انسان يكبرني بنحو ثلاثين عاما ويتمتع بالوسامة والأناقة وخفة الدم والثقة بالنفس, فضلا عن أن له علاقات متعددة مع تلميذاته.. فكان من حظي أن وقع اختياره علي وأحببته بالرغم من أنه متزوج وله أبناء, لأنه قد أعطاني الاهتمام الذي كنت أفتقده في أسرتي, ومضت محنة الثانوية العامة والتحقت بكلية نظرية ولم يفت أمي أن تلومني علي مجموعي الذي لم يطاول مجموع أخي. واستمرت علاقتي بفارس أحلامي في شد وجذب, فتارة يكون مقبلا علي وتارة أخري ينصحني بالابتعاد عنه, وبأن أبحث عن مستقبلي مع شاب مثلي لأنه رجل متزوج ويكبرني بثلاثين عاما ولا مستقبل لي معه, وخلال سنوات دراستي الجامعية رفضت كل من تقدموا إلي أن تخرجت في كليتي, وقررت لي أمي أن التحق بدراسة أخري, لكي تعينني علي الالتحاق بمجال عملها المرموق. واستمرت حياتي هكذا موزعة بين حلمي بالارتباط بهذا المدرس المتزوج, وبين سخطي علي أهلي وعلي طريقة تعاملهم معي, إلي أن اتصل بي ذات يوم فارس أحلامي, وبعد فترة انقطع خلالها عني ودعاني لمقابلته.. وهرعت إليه فصارحني بأنه كان منصرفا عني في الفترة السابقة لارتباطه بفتاة أخري كان يظن أنه يحبها لكنه اكتشف حقيقتها واكتشف أنني الحب الحقيقي في حياته, وطلب مني أن أقف إلي جواره في محنته الشخصية هذه الأيام لأنه يمر بظروف عصيبة, فزوجته مريضة للغاية وكذلك أحد أبنائه.. وسعدت باحتياجه إلي, وبأن يكون هناك من هو في حاجة لي وإلي حبي, وعوضني هذا الاحساس عما أشعر به من إهمال من جانب أهلي.
وتعددت لقاءاتنا وامتلأت حياتي بمشكلاته وشجونه وهمومه, وخلال أسابيع كان ابنه قد شفي من مرضه.. أما زوجته فلم تبرأ من مرضها, وإنما اشتد عليها لفترة أخري ثم اختارها الله إلي جواره, وبعد رحيلها عن الحياة اصررت علي أن أتزوج من فارس أحلامي هذا وطالبته بالتقدم لأسرتي.. فحثني علي أن أمهد له الطريق تحسبا للرفض المتوقع بسبب فارق السن بيننا... وبالفعل فاتحت أهلي في رغبتي في الزواج من هذا الانسان وقوبلت منهم بعاصفة من الرفض الشديد. ونهروني علي مجرد التفكير في هذا الأمر, لكني تمسكت برغبتي, ووجدت نفسي أشعر بلذة غريبة في تمسكي بهذا الرجل في مواجهة رفض أمي واستنكارها.. كما شعرت باحساس غريب من النشوة لرؤيتها عاجزة عن فرض إرادتها علي, ومنع إقدامي علي هذا الزواج!
وبعد خلافات ومشاجرات لا نهاية لها تزوجنا علي الرغم من رفض أهلي وأهله لهذا الزواج... وأقمت في شقته التي كان يخصصها لإعطاء الدروس بعيدا عن مسكن أسرته وأولاده, وسعدت بزواجي منه فها آنذا لأول مرة أفعل شيئا يتعارض مع قرارات أمي بشأني, وتعجز هي عن منعي عنه.. بالاضافة إلي شعوري بالاستقلال في بيت أديره بنفسي.. ووجدت زوجي كريما معي ولايرفض لي طلبا وتكررت زيارات عائلتي لي في بيتي الجديد.. وفي كل زيارة تلومني أمي علي زواجي برجل يكبرني بثلاثين عاما وله أبناء في سن الشباب وتوجه لي الاهانة.. فأرد عليها وأدافع عن اختياري وأؤكد لها سعادتي, وحين يرجع زوجي أروي له ما قالته أمي وأزيد عليه بما لم تقله في الطعن عليه, وكيف رددت عليها وفندت كل كلمة واتهام, فيشعر زوجي بالرضا والسعادة لدفاعي عنه وعن اختياري.
وردا علي توسلات أمي لي بانهاء هذا الزواج غير المتكافئ قبل أن أحمل وأنجب أطفالا يزيدون من تعقيد حياتي, سعيت بكل الطرق لانجاب طفل من زوجي بالرغم من كل الظروف والمشكلات التي تواجهنا, وذلك لكي أزيد من ارتباطه بي ومن شعوره بالمسئولية عني... ولم يهدأ لي خاطر إلا بعد أن حملت وأنجبت طفلتي الجميلة..
وبالفعل ازداد كرم زوجي معي بعد انجابي وازدادت الفترات التي يقضيها معي حتي أصبح يقضي معظم وقته في بيتي ويكتفي بالسؤال عن ابنائه بالتليفون مع استمراره في تحمل مسئولياته عنهم دون تقصير.
وبعد حملي وانجابي وانقطاع أهلي عن زيارتي احتجاجا علي ذلك, ومع طول الفترات التي أصبح زوجي يقضيها معي في البيت حتي بات مقيما معي طوال أيام الأسبوع, ومع شعوري بأنني قد نجحت في الاستحواذ الكامل عليه.. بدأت أشعر ببعض التغير في داخلي لكني لا أجرؤ علي البوح به. وبعد فترات طويلة من التردد والتفكير وجدتني أعترف لنفسي بما كنت أرفض الاعتراف به من قبل, وهو أنني لم أحب هذا الرجل حبا حقيقيا, وإنما كان باختصار الرجل الأول في حياتي الذي علمني ما لم أكن أعلمه من علاقة الرجل بالمرأة.. وأن كبريائي قد أبي علي أن يهجرني بعد انتهاء مرحلة الثانوية العامة فرحت أطارده لأستعيده ولكي أشعر بأنني مرغوبة ولست كما نشأت بين أسرتي انسانة لا يحبها أحد, واعترفت أيضا لنفسي بأن هذا الرجل كان بمثابة تحد لي واثبات لذاتي أن هناك من يريدني, كما كان أيضا تحديا لأهلي الذين طالما أهملوني لكي يعرفوا أنني موجودة وأستطيع أن أستقل عنهم..
وهكذا بدأت أضيق بحياتي مع زوجي واكتشف أنه لم يكن أبدا فارس أحلامي, فهو في كل يوم له شكوي ودواء ومرض, وعلي أن أتعامل مع مشاكله وأمراضه.. كما بدأت أشعر بأنني قد دفنت نفسي وجمالي مع هذا الرجل, وكثيرا ما تأملته وهو نائم وتساءلت صامتة: ماذا فعلت بنفسي؟.. ولماذا هدمت المعبد فوق رأسي وأنا أتصور أنني أهدمه علي رؤوس أهلي؟.. وماذا أفعل بحياتي الآن؟ هل أنفصل عن هذا الرجل وأرجع إلي أهلي وأتحمل شماتتهم في عسي أن أبدأ حياة جديدة مختلفة؟ أن تري هل أظل سجينة هذه الحياة لكي أنجو من شماتة الأهل بي وهل إذا رجعت إلي أهلي سوف يتقبلونني بعد هذه الفترة الطويلة من الانقطاع عني وبعد ما تسببت لهم فيه من إيذاء نفسي ومعنوي؟!
وماذا أفعل بابنتي الصغيرة.. وهل إذا تخلصت من حياتي هذه سينتقم مني زوجي خاصة أنه شديد الطباع عند الغضب ويعتقد أنني مدلهة في حبه؟
انني لا أدري ماذا أفعل بحياتي ياسيدي لكني لا أستطيع أن أظل أحيا أكبر كذبة في حياتي.. ولا أن أظل أتظاهر بالحب لزوجي ولأبنائه وفي داخلي عكس ذلك من المشاعر, ولا أستطيع الاستمرار في حياة الكذب والزيف, لكنني من ناحية أخري أخشي مواجهة زوجي وهو الذي كان كريما معي ولا يتأخر عن تلبية أي مطلب لي, وأخشي كذلك مواجهة أهلي وشماتتهم في, فماذا تنصحني أن أفعل؟
ولكاتبة هذه الرسالة أقول: :
نشرت رسالتك هذه بالرغم من ضيقي بها وبكل ما تعكسه من خلل في القيم الأخلاقية والدينية, وجموح في السلوك والتصرف, ومشاعر سلبية كريهة تجاه الأهل, ولقد نشرتها لكي أضعها تحت أنظار غيرك من الفتيات والآباء والأمهات ونتشارك جميعا في الاستفادة من دروسها وأخطائها, فلقد ذكرتني رسالتك بما روي عن عبدالله بن المقفع وقد كان من المشهود لهم بالتهذيب وحسن السمعة, من أنه قد سئل ذات يوم من أدبك؟ فأجاب: نفسي. كنت إذا رأيت من أحد قبيحا اجتنبته وإذا رأيت من أحد جميلا اتبعته.
والحق أن رسالتك هذه تصلح لأن تكون نموذجا لكثير من أشكال القبيح الذي إذا تجنبه المرء في حياته وسلوكه سلم من الأذي وعاش حياته سعيدا راضيا, فضلا عن أنها حافلة بكثير من الأخطاء التربوية والانسانية التي أثمرت معظم أشكال هذا القبيح.
فأما الخطأ الأساسي الذي نبعت منه بقية الأخطاء... فهو تنازل والدك عن الموضع الذي كرمه به ربه كرب لأسرته وقائدها, الي زوجته لكي تصبح هي قائدة الأسرة والمسيطرة عليها, سواء حدث ذلك برغبة والدك أو رغما عنه, فلا شك أنه خطأ جسيم لا يحقق صالح الأسرة ويتعارض مع تعاليم السماء التي تقول لنا إن الرجال قوامون علي النساء بما فضل الله بعضهم علي بعض وبما أنفقوا في الاسلام, وتقول لنا أن الرجل رأي المرأة في المسيحية. وانقلاب الأوضاع في الأسرة لايثمر غالبا إلا مثل هذه التشوهات الأخلاقية والنفسية التي قادتك إلي الجحيم, كما كان من آثاره أيضا ما شعرت أنت به من تفرقة في المعاملة من جانب قائد الأسرة البديل بينك وبين شقيقك.. وبالرغم من عدم اقتناعي بالمبررات التي حاولت إيهام نفسك بها لتبرير انزلاقك إلي علاقة آثمة وأنت فتاة في السابعة أو الثامنة عشرة من عمرها مع مدرسك المتزوج الذي تخطي الخمسين, فإني أعترف من ناحية أخري بأنه من أكبر أخطاء التربية التفرقة في المعاملة بين الأبناء.. وأن من ثمارها المرة إنطواء من يشعر بتمييز الأهل لأحد أخوته عليه علي مشاعر الغيرة وربما الحقد تجاه الأخ المميز ومشاعر السخط علي من يميزه.. وربما علي الأسرة كلها التي تسكت عن هذا الوضع الخاطئ أو تعجز عن تغييره..
فإذا كانت هذه التفرقة بينك وبين أخيك قد أوغرت صدرك علي أمك وأسرتك, وبذرت في نفسك بذور التمرد والاحساس بالاهمال والرغبة في اثبات الذات والشعور بالجدارة.. فلماذا لم تتخذ هذه الرغبة طريقا ايجابيا قويما كالتفوق الدراسي والالتزام الخلقي الذي يفرض علي الجميع احترامك والاقرار بجدارتك بالحب والاهتمام.. ولماذا اخترت الطريق السهل وهو الانزلاق الي علاقة شائنة مع مدرس يكبرك بأكثر من ثلاثين عاما ومتزوج وله أبناء في مثل عمرك؟ وهبك قد أخطأت في فترة المراهقة وتورطت في هذه العلاقة فلماذا تماديت فيها إلي حد مطاردة الرجل واستجداء استمرار علاقته بك وأنت طالبة في الجامعة؟.. ثم لماذا أصررت علي الزواج منه ضد رغبة الأهل ونداء العقل والمنطق الذي يرفض مثل هذا الزواج غير المتكافئ.
إن من قوانين الكون التي تحفظ عليه وجوده أن يتبع الصغير الكبير لا أن يتحداه ويشق عليه عصا الطاعة, فالأرض تتبع الشمس وتدور حولها, والقمر يدور حول الأرض, والمجموعة الشمسية كلها تدور حول المجرة, والاليكترون المتناهي في الصغر يدور حول نواة الذرة الأكبر منها.. فإذا خالف أحد هذه الأشياء قوانين الكون وتحدي من هو أكبر منه ورفض الدوران في فلكه اختل الكون واضطربت أحواله, ولايعني ذلك أبدا أن يتعسف الكبير بالصغير أو يتحكم في مجريات حياته, وإنما يعني فقط أن يستهدي الصغير بحكمة الكبير وخبرته بالحياة وألا يباعده أو يسقطه من اعتباره لأن كل خروج صارخ علي قوانين الحياة لايثمر غالبا إلا الدمار لصاحبه.
وقصتك خير مثال علي ذلك.. فلقد تماديت في مطاردة كهل متزوج وله أبناء ومتعدد العلاقات تحت تأثير وهم التحدي بهذا السلوك المعيب لأمك التي تفضل شقيقك عليك وتشيد بالتزامه الأخلاقي وتفوقه الدراسي, ولقد قلت مرارا أن مشاعر الشباب تحت العشرين تتسم غالبا بعدم النضج وعدم الثبات وأن ما يبدو لهم من وهم الحب في هذه المرحلة المبكرة من العمر لايمضي وقت طويل حتي يتبينوا هم أنفسهم سطحيته وسذاجته وعدم تعبيره عن مشاعرهم الأصلية واختياراتهم الحقيقية حين يبلغون مرحلة النضج ويخوضون اختبارات الأيام, فهل اختلف الحال معك.. وأنت تقولين الآن انك قد اعترفت لنفسك بأن الرجل الذي تصورت قبل عدة سنوات أنه فارس أحلامك وتحديت الأهل جميعا للارتباط به.. لم يعد حبك الحقيقي.. ولا هو الرجل الذي ترغبين في أن تمضي ما بقي لك من عمر إلي جواره؟ وأنه قد تكشف لك بعد استحواذك عليه أنه مجرد كهل له أمراضه وهمومه وأدويته, وانك تدفنين جمالك وشبابك معه. إن للأديب الجزائري مالك حداد عبارة جميلة يقول فيها: إن المرء يفتح شباكه لكي ينظر إلي الخارج ويفتح عينيه لكي ينظر إلي الداخل ــ أي إلي داخل نفسه ــ لكي يستجلي أعماقها.
وأنت قد فتحت عينيك بعد فوات الأوان لتنظري إلي الداخل.. فلم تري حبا ولا غراما مشبوبا, وإنما رأيت زيفا وكذبا وتظاهرا بالتدله في حب من لاتحبينه في أعماقك..
وكعادة الجامحين في سلوكهم ومشاعرهم.. فلقد حدث ذلك متأخرا وبعد أن تعقدت حياتك أكثر وأصبح لسوء اختيارك واندفاعك ضحايا أبرياء كطفلتك الوليدة, لقد توسلت إليك أمك طويلا ألا تحملي من هذا الرجل وتنجبي منه, لكيلا تندمي فيما بعد حين ينكشف وهم التحدي ووهم الحب عن خواء, وترغبين في فصم علاقتك به, فإذا بك ترفضين كل توسلاتها وتحتالين بكل الحيل لكي تحملي وتنجبي من زوجك ثم تتساءلين الآن عما تفعلين بحياتك بعد سقوط وهم الحب, فأي خبال هذا؟
إنني أكاد أشعر في بعض الأحيان أن من البشر من لايصح أن يؤتمنوا علي إدارة حياتهم وفقا لارادتهم الذاتية وعقولهم المضطربة وحدها.. بل وأنه من صالح هؤلاء الأشخاص أن تشل إرادتهم في الوقت لمنعهم من إيذاء أنفسهم وإيذاء الغير, قبل أن يتخبطوا في كل الاتجاهات الخاطئة ثم يولوا صارخين: كيف ننقذ أنفسنا من هذا الجحيم؟.
فأما إيذاؤك لنفسك فلا يحتاج إلي بيان, وأما إيذاؤك للغير فلقد شمل أبويك وشقيقك وأبناء هذا الرجل المتزوج الذي استحوذت عليه دونهم, وامتد للأسف الشديد لكي يشمل أيضا طفلتك الوليدة التي جئت بها من عالم الغيب إلي حياة لم تستقر قوائمها وترغبين الآن في هدمها من أساسها, فكأنما قد جئت بها ضد توسلات أمك لكي ترشحيها للتمزق بين أبويها فضلا عن ترشيحك لها من الأصل لليتم المبكر!
والآن تتساءلين ماذا تفعلين وكيف تواجهين زوجك برغبتك في الانفصال, وكيف تواجهين أهلك الذين تنكرت لهم وباعدت بينك وبينهم؟
وجوابي علي هذه التساؤلات هو أن مثلك تعجز عن تحقيق رغائبها في الحياة... ولهذا فلن تعجزي إذا رغبت في الانفصال عن زوجك الذي لهثت وراءه بضع سنوات لكي يتزوجك, أما أهلك فلا خوف عليك من شماتتهم بك أو رفضهم لك ولو فعلوا لما حق لأحد أن يلومهم عليه, غير أنهم لن يفعلوا ذلك ولن يوصدوا أبواب رحمتهم في وجهك, بشرط أن تتعلمي دروس التجربة وتتخلصي من مشاعرك السلبية تجاههم.. وأوهام التحدي المريضة لهم.
أما أنت فلا نصيحة لك عندي.. فافعلي بحياتك ما تشاءين وتحملي عواقبه.. بنفس القدرة علي التحدي التي استخدمتها من قبل في الطريق الخاطئ... والسلام
صورة: التحدي الموهوم! ! أنا سيدة في الخامسة والعشرين من عمري, نشأت في أسرة ميسورة الحال بين أبي وأمي وأخي الذي يكبرني, وأمي سيدة ناجحة تشغل منصبا مرموقا, وتعتبر قائد الأسرة وليس أبي, فقد اعتادت أن تتخذ كل القرارات الأساسية في حياتنا العائلية, ويطيعها أبي في كل شئ, ولم يكن انفراد أمي بالقيادة والسيطرة في البيت هو الذي يضايقني, وإنما كان ما يمزقني حقا هو تفضيلها لأخي علي في كل شئ, وبسبب هذه التفرقة بيني وبينه شعرت بالكراهية لأسرتي ونشأت مفتقدة الحب والحنان والاهتمام, وحين التحق أخي بالثانوية العامة ونجح فيها متفوقا والتحق بكلية عملية مرموقة زاد حب أمي له وافتخارها به, وكأنه قد صعد إلي القمر ورجع بقطعة منه! وأصبح لا شاغل لها إلا الحديث عنه وعن تفوقه وأخلاقه, ثم جاء دوري مع الثانوية العامة واختارت لي أمي الالتحاق بنفس الشعب التي درس بها شقيقي, واختارت لي كذلك نفس المدرسين الخصوصيين الذين تلقي الدروس علي أيديهم, وهنا بدأت حياتي تتغير تغيرا كبيرا.. فلقد التقيت بأحد هؤلاء المدرسين, وهو انسان يكبرني بنحو ثلاثين عاما ويتمتع بالوسامة والأناقة وخفة الدم والثقة بالنفس, فضلا عن أن له علاقات متعددة مع تلميذاته.. فكان من حظي أن وقع اختياره علي وأحببته بالرغم من أنه متزوج وله أبناء, لأنه قد أعطاني الاهتمام الذي كنت أفتقده في أسرتي, ومضت محنة الثانوية العامة والتحقت بكلية نظرية ولم يفت أمي أن تلومني علي مجموعي الذي لم يطاول مجموع أخي. واستمرت علاقتي بفارس أحلامي في شد وجذب, فتارة يكون مقبلا علي وتارة أخري ينصحني بالابتعاد عنه, وبأن أبحث عن مستقبلي مع شاب مثلي لأنه رجل متزوج ويكبرني بثلاثين عاما ولا مستقبل لي معه, وخلال سنوات دراستي الجامعية رفضت كل من تقدموا إلي أن تخرجت في كليتي, وقررت لي أمي أن التحق بدراسة أخري, لكي تعينني علي الالتحاق بمجال عملها المرموق. واستمرت حياتي هكذا موزعة بين حلمي بالارتباط بهذا المدرس المتزوج, وبين سخطي علي أهلي وعلي طريقة تعاملهم معي, إلي أن اتصل بي ذات يوم فارس أحلامي, وبعد فترة انقطع خلالها عني ودعاني لمقابلته.. وهرعت إليه فصارحني بأنه كان منصرفا عني في الفترة السابقة لارتباطه بفتاة أخري كان يظن أنه يحبها لكنه اكتشف حقيقتها واكتشف أنني الحب الحقيقي في حياته, وطلب مني أن أقف إلي جواره في محنته الشخصية هذه الأيام لأنه يمر بظروف عصيبة, فزوجته مريضة للغاية وكذلك أحد أبنائه.. وسعدت باحتياجه إلي, وبأن يكون هناك من هو في حاجة لي وإلي حبي, وعوضني هذا الاحساس عما أشعر به من إهمال من جانب أهلي. وتعددت لقاءاتنا وامتلأت حياتي بمشكلاته وشجونه وهمومه, وخلال أسابيع كان ابنه قد شفي من مرضه.. أما زوجته فلم تبرأ من مرضها, وإنما اشتد عليها لفترة أخري ثم اختارها الله إلي جواره, وبعد رحيلها عن الحياة اصررت علي أن أتزوج من فارس أحلامي هذا وطالبته بالتقدم لأسرتي.. فحثني علي أن أمهد له الطريق تحسبا للرفض المتوقع بسبب فارق السن بيننا... وبالفعل فاتحت أهلي في رغبتي في الزواج من هذا الانسان وقوبلت منهم بعاصفة من الرفض الشديد. ونهروني علي مجرد التفكير في هذا الأمر, لكني تمسكت برغبتي, ووجدت نفسي أشعر بلذة غريبة في تمسكي بهذا الرجل في مواجهة رفض أمي واستنكارها.. كما شعرت باحساس غريب من النشوة لرؤيتها عاجزة عن فرض إرادتها علي, ومنع إقدامي علي هذا الزواج! وبعد خلافات ومشاجرات لا نهاية لها تزوجنا علي الرغم من رفض أهلي وأهله لهذا الزواج... وأقمت في شقته التي كان يخصصها لإعطاء الدروس بعيدا عن مسكن أسرته وأولاده, وسعدت بزواجي منه فها آنذا لأول مرة أفعل شيئا يتعارض مع قرارات أمي بشأني, وتعجز هي عن منعي عنه.. بالاضافة إلي شعوري بالاستقلال في بيت أديره بنفسي.. ووجدت زوجي كريما معي ولايرفض لي طلبا وتكررت زيارات عائلتي لي في بيتي الجديد.. وفي كل زيارة تلومني أمي علي زواجي برجل يكبرني بثلاثين عاما وله أبناء في سن الشباب وتوجه لي الاهانة.. فأرد عليها وأدافع عن اختياري وأؤكد لها سعادتي, وحين يرجع زوجي أروي له ما قالته أمي وأزيد عليه بما لم تقله في الطعن عليه, وكيف رددت عليها وفندت كل كلمة واتهام, فيشعر زوجي بالرضا والسعادة لدفاعي عنه وعن اختياري. وردا علي توسلات أمي لي بانهاء هذا الزواج غير المتكافئ قبل أن أحمل وأنجب أطفالا يزيدون من تعقيد حياتي, سعيت بكل الطرق لانجاب طفل من زوجي بالرغم من كل الظروف والمشكلات التي تواجهنا, وذلك لكي أزيد من ارتباطه بي ومن شعوره بالمسئولية عني... ولم يهدأ لي خاطر إلا بعد أن حملت وأنجبت طفلتي الجميلة.. وبالفعل ازداد كرم زوجي معي بعد انجابي وازدادت الفترات التي يقضيها معي حتي أصبح يقضي معظم وقته في بيتي ويكتفي بالسؤال عن ابنائه بالتليفون مع استمراره في تحمل مسئولياته عنهم دون تقصير. وبعد حملي وانجابي وانقطاع أهلي عن زيارتي احتجاجا علي ذلك, ومع طول الفترات التي أصبح زوجي يقضيها معي في البيت حتي بات مقيما معي طوال أيام الأسبوع, ومع شعوري بأنني قد نجحت في الاستحواذ الكامل عليه.. بدأت أشعر ببعض التغير في داخلي لكني لا أجرؤ علي البوح به. وبعد فترات طويلة من التردد والتفكير وجدتني أعترف لنفسي بما كنت أرفض الاعتراف به من قبل, وهو أنني لم أحب هذا الرجل حبا حقيقيا, وإنما كان باختصار الرجل الأول في حياتي الذي علمني ما لم أكن أعلمه من علاقة الرجل بالمرأة.. وأن كبريائي قد أبي علي أن يهجرني بعد انتهاء مرحلة الثانوية العامة فرحت أطارده لأستعيده ولكي أشعر بأنني مرغوبة ولست كما نشأت بين أسرتي انسانة لا يحبها أحد, واعترفت أيضا لنفسي بأن هذا الرجل كان بمثابة تحد لي واثبات لذاتي أن هناك من يريدني, كما كان أيضا تحديا لأهلي الذين طالما أهملوني لكي يعرفوا أنني موجودة وأستطيع أن أستقل عنهم.. وهكذا بدأت أضيق بحياتي مع زوجي واكتشف أنه لم يكن أبدا فارس أحلامي, فهو في كل يوم له شكوي ودواء ومرض, وعلي أن أتعامل مع مشاكله وأمراضه.. كما بدأت أشعر بأنني قد دفنت نفسي وجمالي مع هذا الرجل, وكثيرا ما تأملته وهو نائم وتساءلت صامتة: ماذا فعلت بنفسي؟.. ولماذا هدمت المعبد فوق رأسي وأنا أتصور أنني أهدمه علي رؤوس أهلي؟.. وماذا أفعل بحياتي الآن؟ هل أنفصل عن هذا الرجل وأرجع إلي أهلي وأتحمل شماتتهم في عسي أن أبدأ حياة جديدة مختلفة؟ أن تري هل أظل سجينة هذه الحياة لكي أنجو من شماتة الأهل بي وهل إذا رجعت إلي أهلي سوف يتقبلونني بعد هذه الفترة الطويلة من الانقطاع عني وبعد ما تسببت لهم فيه من إيذاء نفسي ومعنوي؟! وماذا أفعل بابنتي الصغيرة.. وهل إذا تخلصت من حياتي هذه سينتقم مني زوجي خاصة أنه شديد الطباع عند الغضب ويعتقد أنني مدلهة في حبه؟ انني لا أدري ماذا أفعل بحياتي ياسيدي لكني لا أستطيع أن أظل أحيا أكبر كذبة في حياتي.. ولا أن أظل أتظاهر بالحب لزوجي ولأبنائه وفي داخلي عكس ذلك من المشاعر, ولا أستطيع الاستمرار في حياة الكذب والزيف, لكنني من ناحية أخري أخشي مواجهة زوجي وهو الذي كان كريما معي ولا يتأخر عن تلبية أي مطلب لي, وأخشي كذلك مواجهة أهلي وشماتتهم في, فماذا تنصحني أن أفعل؟ ولكاتبة هذه الرسالة أقول: : نشرت رسالتك هذه بالرغم من ضيقي بها وبكل ما تعكسه من خلل في القيم الأخلاقية والدينية, وجموح في السلوك والتصرف, ومشاعر سلبية كريهة تجاه الأهل, ولقد نشرتها لكي أضعها تحت أنظار غيرك من الفتيات والآباء والأمهات ونتشارك جميعا في الاستفادة من دروسها وأخطائها, فلقد ذكرتني رسالتك بما روي عن عبدالله بن المقفع وقد كان من المشهود لهم بالتهذيب وحسن السمعة, من أنه قد سئل ذات يوم من أدبك؟ فأجاب: نفسي. كنت إذا رأيت من أحد قبيحا اجتنبته وإذا رأيت من أحد جميلا اتبعته. والحق أن رسالتك هذه تصلح لأن تكون نموذجا لكثير من أشكال القبيح الذي إذا تجنبه المرء في حياته وسلوكه سلم من الأذي وعاش حياته سعيدا راضيا, فضلا عن أنها حافلة بكثير من الأخطاء التربوية والانسانية التي أثمرت معظم أشكال هذا القبيح. فأما الخطأ الأساسي الذي نبعت منه بقية الأخطاء... فهو تنازل والدك عن الموضع الذي كرمه به ربه كرب لأسرته وقائدها, الي زوجته لكي تصبح هي قائدة الأسرة والمسيطرة عليها, سواء حدث ذلك برغبة والدك أو رغما عنه, فلا شك أنه خطأ جسيم لا يحقق صالح الأسرة ويتعارض مع تعاليم السماء التي تقول لنا إن الرجال قوامون علي النساء بما فضل الله بعضهم علي بعض وبما أنفقوا في الاسلام, وتقول لنا أن الرجل رأي المرأة في المسيحية. وانقلاب الأوضاع في الأسرة لايثمر غالبا إلا مثل هذه التشوهات الأخلاقية والنفسية التي قادتك إلي الجحيم, كما كان من آثاره أيضا ما شعرت أنت به من تفرقة في المعاملة من جانب قائد الأسرة البديل بينك وبين شقيقك.. وبالرغم من عدم اقتناعي بالمبررات التي حاولت إيهام نفسك بها لتبرير انزلاقك إلي علاقة آثمة وأنت فتاة في السابعة أو الثامنة عشرة من عمرها مع مدرسك المتزوج الذي تخطي الخمسين, فإني أعترف من ناحية أخري بأنه من أكبر أخطاء التربية التفرقة في المعاملة بين الأبناء.. وأن من ثمارها المرة إنطواء من يشعر بتمييز الأهل لأحد أخوته عليه علي مشاعر الغيرة وربما الحقد تجاه الأخ المميز ومشاعر السخط علي من يميزه.. وربما علي الأسرة كلها التي تسكت عن هذا الوضع الخاطئ أو تعجز عن تغييره.. فإذا كانت هذه التفرقة بينك وبين أخيك قد أوغرت صدرك علي أمك وأسرتك, وبذرت في نفسك بذور التمرد والاحساس بالاهمال والرغبة في اثبات الذات والشعور بالجدارة.. فلماذا لم تتخذ هذه الرغبة طريقا ايجابيا قويما كالتفوق الدراسي والالتزام الخلقي الذي يفرض علي الجميع احترامك والاقرار بجدارتك بالحب والاهتمام.. ولماذا اخترت الطريق السهل وهو الانزلاق الي علاقة شائنة مع مدرس يكبرك بأكثر من ثلاثين عاما ومتزوج وله أبناء في مثل عمرك؟ وهبك قد أخطأت في فترة المراهقة وتورطت في هذه العلاقة فلماذا تماديت فيها إلي حد مطاردة الرجل واستجداء استمرار علاقته بك وأنت طالبة في الجامعة؟.. ثم لماذا أصررت علي الزواج منه ضد رغبة الأهل ونداء العقل والمنطق الذي يرفض مثل هذا الزواج غير المتكافئ. إن من قوانين الكون التي تحفظ عليه وجوده أن يتبع الصغير الكبير لا أن يتحداه ويشق عليه عصا الطاعة, فالأرض تتبع الشمس وتدور حولها, والقمر يدور حول الأرض, والمجموعة الشمسية كلها تدور حول المجرة, والاليكترون المتناهي في الصغر يدور حول نواة الذرة الأكبر منها.. فإذا خالف أحد هذه الأشياء قوانين الكون وتحدي من هو أكبر منه ورفض الدوران في فلكه اختل الكون واضطربت أحواله, ولايعني ذلك أبدا أن يتعسف الكبير بالصغير أو يتحكم في مجريات حياته, وإنما يعني فقط أن يستهدي الصغير بحكمة الكبير وخبرته بالحياة وألا يباعده أو يسقطه من اعتباره لأن كل خروج صارخ علي قوانين الحياة لايثمر غالبا إلا الدمار لصاحبه. وقصتك خير مثال علي ذلك.. فلقد تماديت في مطاردة كهل متزوج وله أبناء ومتعدد العلاقات تحت تأثير وهم التحدي بهذا السلوك المعيب لأمك التي تفضل شقيقك عليك وتشيد بالتزامه الأخلاقي وتفوقه الدراسي, ولقد قلت مرارا أن مشاعر الشباب تحت العشرين تتسم غالبا بعدم النضج وعدم الثبات وأن ما يبدو لهم من وهم الحب في هذه المرحلة المبكرة من العمر لايمضي وقت طويل حتي يتبينوا هم أنفسهم سطحيته وسذاجته وعدم تعبيره عن مشاعرهم الأصلية واختياراتهم الحقيقية حين يبلغون مرحلة النضج ويخوضون اختبارات الأيام, فهل اختلف الحال معك.. وأنت تقولين الآن انك قد اعترفت لنفسك بأن الرجل الذي تصورت قبل عدة سنوات أنه فارس أحلامك وتحديت الأهل جميعا للارتباط به.. لم يعد حبك الحقيقي.. ولا هو الرجل الذي ترغبين في أن تمضي ما بقي لك من عمر إلي جواره؟ وأنه قد تكشف لك بعد استحواذك عليه أنه مجرد كهل له أمراضه وهمومه وأدويته, وانك تدفنين جمالك وشبابك معه. إن للأديب الجزائري مالك حداد عبارة جميلة يقول فيها: إن المرء يفتح شباكه لكي ينظر إلي الخارج ويفتح عينيه لكي ينظر إلي الداخل ــ أي إلي داخل نفسه ــ لكي يستجلي أعماقها. وأنت قد فتحت عينيك بعد فوات الأوان لتنظري إلي الداخل.. فلم تري حبا ولا غراما مشبوبا, وإنما رأيت زيفا وكذبا وتظاهرا بالتدله في حب من لاتحبينه في أعماقك.. وكعادة الجامحين في سلوكهم ومشاعرهم.. فلقد حدث ذلك متأخرا وبعد أن تعقدت حياتك أكثر وأصبح لسوء اختيارك واندفاعك ضحايا أبرياء كطفلتك الوليدة, لقد توسلت إليك أمك طويلا ألا تحملي من هذا الرجل وتنجبي منه, لكيلا تندمي فيما بعد حين ينكشف وهم التحدي ووهم الحب عن خواء, وترغبين في فصم علاقتك به, فإذا بك ترفضين كل توسلاتها وتحتالين بكل الحيل لكي تحملي وتنجبي من زوجك ثم تتساءلين الآن عما تفعلين بحياتك بعد سقوط وهم الحب, فأي خبال هذا؟ إنني أكاد أشعر في بعض الأحيان أن من البشر من لايصح أن يؤتمنوا علي إدارة حياتهم وفقا لارادتهم الذاتية وعقولهم المضطربة وحدها.. بل وأنه من صالح هؤلاء الأشخاص أن تشل إرادتهم في الوقت لمنعهم من إيذاء أنفسهم وإيذاء الغير, قبل أن يتخبطوا في كل الاتجاهات الخاطئة ثم يولوا صارخين: كيف ننقذ أنفسنا من هذا الجحيم؟. فأما إيذاؤك لنفسك فلا يحتاج إلي بيان, وأما إيذاؤك للغير فلقد شمل أبويك وشقيقك وأبناء هذا الرجل المتزوج الذي استحوذت عليه دونهم, وامتد للأسف الشديد لكي يشمل أيضا طفلتك الوليدة التي جئت بها من عالم الغيب إلي حياة لم تستقر قوائمها وترغبين الآن في هدمها من أساسها, فكأنما قد جئت بها ضد توسلات أمك لكي ترشحيها للتمزق بين أبويها فضلا عن ترشيحك لها من الأصل لليتم المبكر! والآن تتساءلين ماذا تفعلين وكيف تواجهين زوجك برغبتك في الانفصال, وكيف تواجهين أهلك الذين تنكرت لهم وباعدت بينك وبينهم؟ وجوابي علي هذه التساؤلات هو أن مثلك تعجز عن تحقيق رغائبها في الحياة... ولهذا فلن تعجزي إذا رغبت في الانفصال عن زوجك الذي لهثت وراءه بضع سنوات لكي يتزوجك, أما أهلك فلا خوف عليك من شماتتهم بك أو رفضهم لك ولو فعلوا لما حق لأحد أن يلومهم عليه, غير أنهم لن يفعلوا ذلك ولن يوصدوا أبواب رحمتهم في وجهك, بشرط أن تتعلمي دروس التجربة وتتخلصي من مشاعرك السلبية تجاههم.. وأوهام التحدي المريضة لهم. أما أنت فلا نصيحة لك عندي.. فافعلي بحياتك ما تشاءين وتحملي عواقبه.. بنفس القدرة علي التحدي التي استخدمتها من قبل في الطريق الخاطئ... والسلام[b]