[b]السلام عليكم ورحمة اللّه وبركاته
سيّدتي الفاضلة نور، لا أدري كيف أشكرك على هذا الركن المميّز الذي فتح لنا بابا من الأمل للارتواء من الردود الشافية، والتخلص من العقد اليومية التي تنقض على حياة الواحد منا وتدخله في متاهات الأسئلة، هذه الأخيرة التي تكاد تقهرني وترمي بي في حيّز الاستسلام واليأس وهذا ما أرفضه تماما...يّدتي أنا فتاة في 82 من عمري، متعلّمة مثقفة متحصلة على شهادة جامعية، إلا أن هذا كلّه لم يساعدني في إيجاد حل لما أعانيه اليوم من مشاكل، والتي خلقت لديّ شعورا بالانكسار والانهيار، فلولا عملي الذي ينسيني الكثير من تلك الهموم لوجدت نفسي أكيد في عالم الجنون بسبب الأجواء المتوترة التي نعيشها في البيت، لأنه وعلى الرغم من أننا عائلة ميسورة والحمد للّه، إلا أن كلمة الدفء العائلي أو الروابط العائلية لا محل لها من الإعراب في بيتنا، الذي لا يكاد يمر فيه يوم دون ملاسنات كلامية والتي دوماً يكون بطلها والدي، وضحيّتها في غالب الأحيان أمي التي دوماً تذكّرنا بقوله تعالى: ''لا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريماً''، كلّما أردنا التعقيب أو مواجهة والدنا، لا يمكنني أن أنكر أنه يسعى ويعمل ليلاً نهاراً لتوفير الراحة المادية، إلا أننا لم نحظَ ومنذ نعومة أظافرنا بالحب والحنان من قلبه الذي لم نعرف منه سوى الضغينة والعنف في التعامل، فالذكرى الوحيدة التي رسخت في أذهاننا عنه هي صورته حين يدخل البيت ثملا، وحين ينهال على أمي ضرباً بسبب وبدون سبب... حتى إخوتي لم يسلموا من عنفه ومن غطرسته إلى أن تسبّب في عقد نفسية لهم، وهم اليوم لا يستطعون حتى مواجهة العالم الخارجي..ويا ليت الأمور توقفت عند هذا الحد سيدتي، فعلى الرغم من كبر سنه الآن وعلى الرغم من أننا راشدون، يأبى إلا أن يتدخّل في حيانا ويفسد علينا سعادتنا، وهذا هو بيت القصيد سيّدتي وما جعلني اليوم أراسلك، فالرجل الوحيد الذي ارتاح له قلبي والذي أرادني أميرة لقلبه رفضه والدي، فالرجل قريبي وهو يرفض الزواج فقط حتى لا نكون سبباً في إفساد العلاقات العائلية، وكأن الأمر يهمّه كثيراً وكأن الروابط العائلية تعني له الكثير..الرجل الوحيد الذي وجدت معه الحنان والرأفة والسند الحقيقي يرفضه أبي! أمر لا أكاد أصدقه فأنا ولحد اليوم أشعر أنني في حلم أريد فقط أن أستفيق منه، لا أنكر سيدتي أنني مؤمنة بقدر اللّه سبحانه وتعالى، وأعلم أن كل شيء بالمكتوب إلا أن رفض أبي له لا يُعقل، فمهما كان، يجب عليه أن يفهم أن هذه حياتي وذاك مستقبلي ولي كل الحق في اختيار رفيق دربي، أو على الأقل أن يسألني عن رأي في الموضوع إلا أنه لسوء الحظ لم يفعل ذلك وأخذ القرار بنفسه.أعلم أنه مهما كان الحال فهو أبي وربما يبحث عن مصلحتي لكنه لا يعلم أنه بذلك القرار يقف في وجه حياتي وسعادتي، ومنذ ذلك اليوم وأنا أعيش في دوامة لا أعرف الخروج منها لأنني حتى في هذه الأيام الصعبة لم أجد أحدا إلى جانبي. فالوحيدة التي تصبّرني على مصابي وتحاول أن تنسيني آهاتي، هي أمي التي لا حول ولا قوة لها مع أبي، وقريبي الذي أحبّه قلبي والذي يريدني زوجة له، فهو لم يستسلم ولم يرضخ لرفض أبي إلا أنني كلما نظرت إلى عينيه أرى فيهما نوعا من اليأس والشجن.. وعلى الرغم من ذلك هو يحاول وبكل ما أوتي من قوة لإخراجي من تلك الدوامة التي تهت فيها، فهو دوما يحثني على عدم الاستسلام وعدم الرضوخ لأن اللّه سيكون معنا، وبالإيمان والثقة فيه سيمدنا بالقوة اللازمة لتحقيق كل أحلامنا وطموحاتنا. لكن شعوري بالضياع سيطر عليّ وتركني في حيرة من أمري فماذا يمكنني أن أفعل، أأترك كل شيء للقدر وأنتظر ما الذي يخبئه لنا..؟ أم أحاول مع أبي ربما سأقنعه على تغيير رأيه..؟ أم أنني أقوم بعصيانه وأفعل ما أراه الصواب وأكون مع ابن خالتي.أرجوكم أرشدوني إلى الحل المناسب، فقد أصبحت لا أطيق حياتي لكنني لا أريد الاستسلام.
مجروحة
الجزائر- النهار أون لاين