الطب الذى يتعامل مع الإنسان على أنه أعضاء منفصلة هو طب قاصر والذى يمارسه بهذا الأسلوب طبيب مقصر عاجز عن أن يصل إلى حكمة هذا العلم الرائع ولا يستحق لقب الحكيم، من يتعامل مع البنى آدم على أنه كبد أو قلب أو فشة أو طحال هو ميكانيكى قطع غيار بشر وليس طبيباً، هذا السلوك الطبى يفسر لنا على سبيل المثال فشل طبيب التجميل فى بعض الحالات التى يشكو أصحابها بعد الجراحة أن شكله لم يتحسن بل زاد سوءا، حالات كثيرة من هذا النمط يكون السبب هو فشل الطبيب فى تقييم الحالة النفسية للمريض أو المريضة قبل الجراحة، فهو لن يرضى بشكله مهما كان لأن هناك اضطراباً نفسياً معيناً ومشكلته ليست فى أنفه أو بطنه أو أردافه ولكنها فى وعيه وفى الصورة الذهنية التى فى عقله عن نفسه أو بالأصح عن النموذج الذى يريده، أرسلت لى الدكتورة هبة عيسوى التى ترصد بذكاء كثيراً من أمراضنا النفسية، أرسلت رسالة تتحدث عن هذا الموضوع وهى نصيحة مهمة لكل طبيب وجراح تجميل ملخصها قيّم حالة مريضك النفسية ولا تتعامل معه على أنه سيارة ستركب لها «رفرف أو شكمان» وبعدها ستنطلق سليمة وصحيحة، فالصح عندك كطبيب والجميل عندك كجراح على الكمبيوتر من الممكن جداً ألا يكون هو الصح أو الجميل على وجه أو جسد مريضك أو مريضتك، تقول د. هبة عيسوى:
كثيرا ما يعانى الشاب من حَب الشباب أو قصر القامة أو طول القامة أو السمنة وكثير منهم يركز على هذا العيب ويبالغ فى الشعور بهذا العيب عندما ينظر إلى المرآة، لا ينظر إلى نفسه فى مجملها بشكل عام، بل يصوب نظره كله على التفصيل الصغير الذى لا يعجبه فى شكله. مثلاً، المرأة ذات الأنف الكبير قد لا ترى فى المرآة إلا هذا الأنف. فهى لا ترى عينيها الجميلتين، هى لا ترى سوى ما يزعجها وهو أنفها، ولو نظرت إلى وجهها فى مجمله، لوجدت أنه جميل حتى مع الأنف الذى لا يعجبها. هذا النوع من الناس، يعتقد أنه من دون هذا العيب، لكانت حياته ستكون مختلفة تماماً، وناجحة تماماً، وستكون لديه علاقات أفضل مع الناس وسيكون محبوباً أكثر. فهؤلاء المهووسون بعيوب أشكالهم يكرسون كل حياتهم للبحث عن طريقة لتصحيح ذلك العيب مهما كلفهم الثمن.
إذا زاد الاهتمام بالشكل الخارجى لدرجة أنّه لا يبارح تفكيره، فإن ذلك قد يكون مرضاً نفسياً يسمى «رهاب التشوه».. والشخص الذى يعانى هذا المرض النفسى، يكون مقتنعاً بأنّه بشع المنظر أو أنّه يعانى تشوهاً فى جسمه. وفى الغالب الأعم، يكون تركيزه منصباً على منطقة معيّنة من جسمه، مثل (الأنف، الردفين).. وهؤلاء الأشخاص يلجأون إلى عمليات التجميل وبعد إجراء العملية التجميلية لا يرضون عن شكلهم الجديد، و غالبا ما يكررون الجراحة مرة أخرى بحثاً عن نتيجة لا توجد إلا فى خيالهم، ويتهمون الجراح بأنّه هو الملوم ولم يوفق فى العملية.
ولعلاج هذه الحالة لا ينبغى الدخول فى عمليات جراحية لأنها لن تساعد فى الشفاء «رهاب التشوه» ولكن العلاج نفسى، خصوصا العلاج السلوكى المعرفى الذى يخاطب الأفكار الخاطئة والتركيز على الجوانب الإيجابية فى الشكل والعلاجات الدوائية الجيدة فى علاج هذا الاضطراب هى مثبطات ارتجاع السيروتونين مثل البروزاك، السبرام وعقار الأوراب التى أثبتت فاعلية فى علاج هذا الاضطراب.