السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
يبحث الناس عن إكسير السعادة في كل مكان، ويقطعون مسافات هائلة تقدر أحياناً بعشرات السنين من عمرهم الذي يكون طويلاً تارة وقصيراً تارة أخرى
وربما استعانوا بقارئ الكف أو المبصرة من خلال الفنجان، أوربما لجؤوا إلى علم الكيمياء الذي كان يسمى فيما مضى علم الحيل بزعم أنه قادر على الوصول إلى ذلك السائل العجيب السحري القادر على تحويل المعادن العادية إلى ذهب ليصبح ملك هذا السائل من أغنى الأغنياء ، يلجؤون إليه اعتقاداً منهم أنه قد ينتهي بزورقهم إلى مرساة السعادة.
ولانريد القول: إن مصطلح
السعادة عصي على الفهم، أو إنه يقف باحتوائه الأسرار العميقة صخرة لايمكن اختراقها بسهولة فمابالك بتفتيتها؟
قالوا مثلاً: إن أسعد الناس من يتطلع إلى معرفته ويسعى إلى صحبته الآخرون، فمحبة الناس وسام شرف يستحق أن يرفعه كل محبوب أمام الناس ،وهي غاية في حد ذاتها تحتاج إلى لين وخلق قويم وبشاشة في الوجه وحسن معاملة تمكنك من أن تجعل العدو صديقاً لك.
وإن كانت لاتدرك كلها إذ ليس هناك من يحظى بمحبة الناس جميعهم ، فالمحبة تتفاوت وتتدرج من شخص لآخر هذا تعريف أولي للسعادة يمكن أن نركن إليه للوصول إلى معناها الحقيقي .
بعضهم حاول تجريد
السعادة من ثوبها الروحي ليخلع عليها ثوباً مادياً محضاً ، فزعم أنها القدرة على أن تفعل ما تريد ولوكان ذلك على حساب الضوابط الأخلاقية والاجتماعية، لكن أنصار هذا التعريف اكتشفوا خطأهم الفادح فيما بعد ووجدوا أنفسهم مضطرين إلى التراجع عنه، لاسيما عندما تناهت إلى أسماعهم قصص أولئك الأثرياء الذي كانوا يملكون كل شيء ماعدا
السعادة وأسلموا حياتهم في النهاية إلى رصاصة طائشة سددوها إلى الرأس أو رموا أنفسهم من بناء شاهق معلنين أن الانتحار هو المحطة التي يجب أن يقف عندها قطار الحياة ليخلصهم من آلامهم وعقدهم النفسية والحياتية .
أيها الباحث عن
السعادة معتقداً أنك تبحث عن إبرة صغيرة في كومة قش هائلة الحجم هل جربت يوماً أن تزرع الابتسامة على وجه يتيم فقد حنان الأب والأم أو حنان الاثنين معاً ، بهدية متواضعة تحملها له أوبابتسامة صادقة ترسل من خلالها أجمل رسائل الإنسانية إليه ؟
هل قمت بالتبرع بمبلغ ولو كان زهيداً لمشفى مخصص لمعالجة مرضى السرطان ذلك الداء الخبيث الذي يفتك بالآلاف من أبناء الوطن كل عام؟
هل جربت القيام بعملك على أكمل وجه لأن حبك لوطنك يملي عليك ذلك ، لاحرصك على الفوز برضامديرك وتقربك إليه ؟
الوصفات التي تؤدي بك إلى درب
السعادة كما يدعي واصفوها كثيرة، لكنها كلها تلتقي عند نقطة واحدة هي
نقاء الضمير وسكينة النفس، فحافظ على
نقاء ضميرك ، ولا تقرب الأذى الذي يؤرق ضميرك ويعكر صفوه ، وقابل الإساءة بالإحسان ، ثم اطرق باب
السعادة وستجد أنه مفتوح على مصراعيه قبل أن تطرقه .