أعلنت شركة يابانية، تعمل في مجال الهواتف الخليوية، عن إطلاق خدمة هاتفية للترجمة الفورية الصوتية، تسمح بالتحدث مع شخص لا نتكلم لغته. وبفضل هذا التطبيق، سيتسنى للياباني مثلاً، التكلم باليابانية مع أمريكي خلال مكالمة هاتفية فتترجم كلماته فوراً إلى الإنجليزية، وتنقل أجوبة المتحدث الثاني بدورها إلى اليابانية. وأشارت مجموعة «إن تي تي دوكومو» إلى أن خدمة الترجمة الصوتية ستتوافر قريباً باليابانية والفرنسية والألمانية والإسبانية والإندونيسية والإيطالية والبرتغالية والتايلاندية.
إذا كان هناك عشقٌ أعشقه، لا ينتهي إلى خيبة مرة، فهو عشقي للغات. وإذا كان لي أن أحلم، فليس عندي حلمٌ أقوى من أن أتمكن من اللغات كلّها، فأتكلمها، وأقرأها، كما لو أنني أتكلم لغتي الأم، وأقرأها.
شغفي باللغات لا حدود له. إنه شغف بمعرفة سرّ الآخر، من خلال لغته، وخصوصاً سرّ هذا الآخر الذي هو الأدب نفسه، الذي تعجز لغة واحدة، أو عشر لغات، عن فك ألغازه ومتاهاته اللذيذة.
اللغة تعني عندي كل ما ليس قابلاً للحصر والأسر والاستيلاء.. إنها الحرية الكاملة. تصوّروا معي فقط، أن شخصاً – أتمنى أن يكون أنا – يمكنه أن يتكلم لغات الكون كلها بدون استثناء، حتى تلك اللغات الهامشية التي تنحصر في عدد ضئيل من الناس في أطراف المعمورة، فماذا كان يمكن هذا الشخص أن يكون على المستوى الأدبي والإنساني والاجتماعي؟
يكون العالم كله في جسد واحد.. في لسان واحد، وفي رأس واحد. هو الأجساد كلها، والألسنة كلها، والرؤوس كلها. وأواصل التأويل فأقول: القلوب كلها، والنظرات كلها. فماذا يريد المرء أكثر من ذلك؟!
أتكلم حتى الآن، ثماني لغات وأكتب فيها. حسرتي الحقيقية أن هذه اللغات ليست ثمانين. كم كنتُ لأكون أكثر امتلاء بالكون، لو أني أملك هذه المفاتيح اللغوية التي تتيح لي سعادة لا توصف ولا تحدّ.
هذا العشق للغات، ليس وليد اللحظة الراهنة، بل إنه يرافقني منذ صغري، أي منذ طفولتي، عندما كنت على مقاعد الدراسة الابتدائية. وكنت كلما أمعنتُ في المعرفة، وفي التجربة، ازداد عندي هذا العشق اضطراماً وولوعاً، حتى أنني أكاد أتمنى أن أتقمص الأجناس كلها، لأكون اللغات كلها.
على أن الأمر يتعدى اللغات بذاتها، لأن هذا العشق موصول اتصالاً بديهياً بالحضارات التي تحملها هذه اللغات في حروفها وكلماتها وأوصالها ودلالاتها. كما أنه موصول بالرغبة اللامتناهية في الاتصال بالآخر، الذي تتجسد اللغة عبره.
فهل هناك أجمل من شخص يحمل على لسانه هذه اللغات كلها.. هذه الحضارات كلها، وهذا الشخص الآخر كله؟[b]