شعاع الأمل
ترددت كثيرا قبل الكتابة إليك ولكن للظروف المحيطة بي وعدم توفيقي فيما أبحث عنه قررت الكتابة مع أملي في الله أن أجد ضالتي عندك, أنا سيدة في العقد السابع من العمر تزوجت في سن العشرين من عمري وكنت أعمل في جهة مصرفية ومرت حياتي بحلوها ومرها, وأتمتع بصحة جيدة ومستورة ماديا
ولقد رزقني الله بولدين الأصغر تخرج وتزوج وأنجب وحياته مستقرة مع أسرته أما الأكبر فهو المشكلة, فمنذ بداية فترة المراهقة ودخوله المرحلة الثانوية تبدلت حاله من طالب وديع ومتفوق إلي مشروع شاب متهور حيث تعرف علي أصدقاء السوء ـ رغم أننا نعيش في حي راق وكان يدرس في أفضل المدارس وللأسف كانت سنوات دراسته الثانوية والجامعية هي أسوأ أيام حياتي حيث تعلم شرب الخمر وبدأت حياتي الزوجية في الانهيار فقد كنت انتظره يوميا حتي رجوعه للمنزل في ساعات متأخرة ليبدأ الشجار لأنني أجده مخمورا مع أنه ليس في عائلتي أو عائلة زوجي ـ ووالده نفسه لا يدخن ونؤدي دائما الصلوات في أوقاتها لكن إبني الأكبر كان مختلفا عنا جميعا وأصبح مدخنا شرها وشاربا للخمر وعندما كانت المشاجرات الليلية تبدأ عودته مخمورا كان والده يستشيط غضبا لأن صوت شجاري مع إبني ايقظه وهو يريد أن ينام ليبدأ يومه مرتاحا حيث كان يعمل في مركز مرموق ولساعات طويلة وينتهي الأمر بأن يدخل ابني لينام ويتركني أنا ووالده نتشاجر ليلا بسببه, فالحقيقة أنه لم يكن حازما معه أما أنا فقد كنت أتقطع يوميا علي ما أصاب ولدي. وظلت الحال كذلك حتي تخرج من الجامعة ولم يرسب في أي عام وقام بتأدية الخدمة العسكرية ضابطا احتياطيا لمدة ثلاث سنوات وكان أملنا أن يتغير خلالها ويعود الي صوابه مثلما كنا نسمع عن الآخرين ولكن للأسف لم يتغير حاله أيضا.
وبعد أدائه الخدمة الوطنية خرج إلي الحياة العملية ولكن سوق العمل كانت متوقفة والبطالة متفشية فاضطر لعمل مشروع خاص وللأسف فشل وأخيرا سافر للخارج للعمل في احدي دول الخليج ولكن للأسف بدلا من أن يفكر في بناء مستقبله عاش حياته مستهترا وظل ستة أعوام بالخارج وكنا نضطر لارسال مصاريفه اليه لأنه كان ينفق مرتبه كله علي الخمر التي من المفترض انها ممنوعة في البلد الذي كان يعمل به لكن الحقيقة أنه من السهل جدا شراؤها هناك فكان ينفق مرتبه علي شربها وعلي الفتيات الروسيات المنتشرات هناك وأخيرا عاد بعد ست سنوات خالي الوفاض وأصبحت حياتنا جحيما إذ لم يكن يستقر في أي عمل حتي توفي والده محسورا عليه وهو يعيش حياته طولا وعرضا بطريقته وظل يتطاول علي حتي تركته وبعدت عنه ليعيش بمفرده بعد أن أصابني اليأس من أن تنصلح حاله خاصة أنه كان يقترب من الأربعين من عمره ولم أجد في حياته ما يبشر بتغيير مساره.
وفي أحد أيام العام الماضي كان مسافرا خارج القاهرة واتصل بنا ليخبرنا أنه مريض جدا ولا يستطيع الحركة ولا أن يحمل حقيبته ليسافر إلينا فذهبنا إليه أنا وشقيقه فوجدناه في حالة ضعف شديد وعدنا به إلي القاهرة ليدخل في غيبوبة في الليلة نفسها وتم نقله إلي المستشفي وظل غائبا عن الوعي أسبوعا كاملا وتم تشخيص حالته بأنها التهاب في خلايا المخ نتيجة الافراط في شرب الخمر علي مدي اعوام وبعد أن أفاق من الغيبوبة أستمر في المستشفي لمدة شهر ثم عدنا به إلي المنزل وكأنه شخص آخر فقد كان وقتها قد تخطي الأربعين ولكن تصرفاته أصبحت تصرفات اطفال بسبب مرضه اللعين ويجد صعوبة في الكلام وفي تمييز الأشياء وكان يتخيل بعض الأشخاص وبعد فترة من الزمن ومع العلاج بدأ التعافي. ومر عام ونصف العام وأحمد الله فقد استجاب لدعائي لأني كنت أتمني أن يتوقف عن شرب الخمر وأن يتوب الله عليه وقد صار الآن طبيعيا إلي حد ما باستثناء وجود عدم تركيز في بعض الأشياء والطبيب يقول انه سوف يتعافي مع الوقت لأن امراض المخ تستغرق وقتا طويلا نسبيا في العلاج وهو يعيش معي حياة طبيعية ويشكر الله كثيرا في كل وقت لأنه تاب عليه ويرغب حاليا في الزواج وهو يبلغ من العمر الآن ثلاثة وأربعين عاما وأنا أؤيده في هذا الطلب لأن شغلي الشاغل طوال الوقت هو ماذا سيفعل بعد وفاتي إذ أنه يحتاج لمن يساعده في أمور الحياة العادية مثل اعداد الطعام وتناول الدواء والمساعدة في قراءة الجرائد فهل أجد من بين قارئاتك الكريمات من تود شراء الآخرة بالدنيا وتتزوجه وتكون له عونا في الحياة وتساعده حتي يمن الله عليه بكامل الشفاء؟ علما بأنه لا يوجد ما يمنعه من الزواج لكنها ستعامله علي انه ابنها قبل أن يكون زوجها أي أنها تكون من عائلة طيبة وعلي خلق ومناسبة له في السن, ولا تعمل حتي تكون موجودة معه طيلة اليوم وتخرجه من وحدته وتذهب معه إلي الأماكن العامة حيث انه يود كثيرا الخروج للتنزه والذهاب للنادي والأماكن العامة ولكن نظرا لكبر سني فلم تعد صحتي تساعدني. وأملي في الله كثيرا أن يوفقني في هذا الطلب.
ولكاتبة هذه الرسالة أقول:
الحمد لله الذي تاب علي ابنك من البلاء الذي أوقع نفسه فيه, ولعل رسالتك تكون درسا لكل الشباب الذين ينساقون وراء أهوائهم, ولا يدركون فداحة اخطائهم إلا بعد فوات الأوان.
والحقيقة أنني أري بين ثنايا كلماتك المضيئة شعاعا للأمل في أن يكتمل شفاء ابنك وبكل تأكيد هناك ياسيدتي من تريد التجارة مع الله بأن تسهم في نقله من دائرة اليأس إلي أفق الرجاء والنجاة بالزواج منه والأخذ بيده حتي يتعافي تماما.. فانتظري من ستجئ اليكم حاملة معها مفتاح السعادة بإذن الله.
[b]