تحيا نون النسوة
وبرزت نماذج وصور لنساء ذات إرادة حديدية, وقدرة فريدة علي الصمود أمام الظلم والقهر والاستبداد, لم تغب المرأة يوما من المشهد, في كل المواقف الحاسمة والظروف الصعبة كان لها بصمات واضحة, كان هذا الاستفتاء الأخير نموذجا رائعا للدورالذي تلعبه المرأة في المجتمع, وإشارة قوية في نفس الوقت لمن تصور أنه يمكن أن يقصي المرأة عن المكانة التي تستحقها في المجتمع ,في كل لجنة كانت هناك قصص عديدة تستحق أن تسجل, وروايات تجعلنا فخورين بتلك المرأة, التي تناضل بكل قوة, تارة ضد من يعتدي علي حرية وطنها, وتارة أخري ضد من يعتدي علي حريتها ويسعي لتهميشها, .يوم السبت الماضي كان يوما يستحق أن يذكره سجل نضال المرأة المصرية, بداية من المشاركة التي فاقت مشاركة الرجل في العديد من اللجان, وصولا إلي الكثير من المواقف الإيجابية والتي تناولتها وسائل إعلامية عدة, منها إصرار أمهات كثيرات علي اصطحاب أطفالهن الرضع والانتظار لساعات حتي يقمن بالتصويت, حالات عديدة شاهدتها كما شاهدها غيري, لرجال أرادوا الانصراف بعد أن طال وقت الانتظار وقامت زوجاتهم بمحاولة إثنائهم عن ذلك, رأيت بعيني امرأة ترفض التوقيع علي ورقة غير مختومة, وترفض العذر الذي ساقه لها القاضي من كسر الختم, وتصر علي الانتظار لحين إحضار ختم جديد, وتدعو الناس للانتظار معها, السيدة القعيدة التي حملها ابناها لتضع صوتها, والمرأة التي رمي عليها زوجها يمين طلاق لتصوت علي هواه وعكس إرادتها, وكيف تحايلت علي هذا الأمر بالتصويت كما يريد, ولكن خارج الدائرة لتبطل صوتها, ولتؤكد حقا أن كيدهن عظيم, وأنه يستحيل قهر إرادة المرأة الحرة, شاهدنا مزيجا للمرأة المصرية بكل صورها,الزي لم يكن صاحب الدلالة الأساسية علي الرأي, فلقد رأينا منقبات يصوتن بلا, ورأينا شقراوات يقلن نعم أملا في الاستقرار , وأيا كانت نتيجة الاستفتاء فمشهد المرأة المصرية جعلني أشعر بالأمل والتفاؤل واليقين بأن المرأة المصرية لن تسمح بأي تجاوز في حقوقها, فالمرأة التي خرجت بالملايين لتأدية حق الوطن, يمكن أن تخرج بالملايين أيضا إذا تم الاعتداء علي حقوقها, وأعتقد أن خروجها كان يحمل رسالة واضحة لمن يهمه الأمر.
المواطن مصري
يقولون كل شيء مسموح في الحب والحربس , نوعا من أنواع حرب تكسير عظام بين القوي السياسية,ورغم رفضي لكل أشكال العنف, بما فيه العنف اللفظي حتي في نطاق الصراع السياسي, فإن يقيني أن الصراعات السياسية غالبا ما تحل في النهاية, سواء بالتوافق والتفاهم بين الطرفين أو بانتصار جانب سياسي علي آخر بأساليب متعددة, وهذا يجعلني علي يقين بأن المجتمع سيتجاوز تلك الأزمات طالما كانت في حدود الخلافات السياسية.
لكن ما أثار فزعي هو محاولة زج بعض الأطراف باسم الإخوة المسيحيين وإدخالهم في معادلة الصراع , باعتبارهم فصيلا منفصلا يشترك في الصراع مستندا إلي انتمائه الديني, وليس انتمائه السياسي, وهو أمر في غاية الخطورة, لأنه, كما قلت, يمكن رأب صدع الصراعات السياسية, ولكن من الصعوبة بمكان رأب التصدعات في العلاقات المجتمعية إذا حدثت بين الأعراق أو الديانات المختلفة, لأن هذا يعد شرخا في جدار الوطن .
إن الوحدة الوطنية من أهم القيم التي قامت عليها مصر, منذ أكثر من ألف و أربعمئة سنة, ولا يليق من أجل تحقيق مكسب ما أو التأثير علي البسطاء بث روح الفرقة بين الأشقاء ,فالمسلمون والمسيحيون في مصر هم وجهان لعملة واحدة, اسمها المواطن المصري, وأي محاولة لطمس أحد الوجهين لن يتم إلا بصهر العملة بأكملها, وعندها ستضيع معالم الوجهين معا, وتضيع معها مصر
شهادة حق
تربطني بالشيخ أحمد المحلاوي علاقة خاصة, فلقد تعودت منذسنوات طفولتي الأولي علي سماع صوته الرخيم وهو يرتل القرآن في مسجد القائد إبراهيم الذيكان يجاور منزلنا في الإسكندرية, وعملي كصحفية وطد علاقتي به كثيرا بعد ذلك فلا أنسي أنأول موضوع صحفي قمت بإجرائه في حياتي كان معه وذلكأثناء الغزو العراقي للكويت وقد كان يؤيد فيه تدخل مصر لحماية حق الإخوة الكويتيين في أرضهم وكانت هذه هي المرة الأولي التي يظهر للإعلام بعد سنوات طويلة من الغياب بعد خروجه من المعتقل. وتعددت بعد ذلك لقاءاتي الصحفية ومن المواقف التي لا أنساها معه أنإحدي الصديقات أرادت أن تسأله في فتوي ما وكانت مترددة لكونها غير محجبة ولكنها ذهبت معي وبعد أن أجابهاعلي ما تريد قالت له أظنك ستتحدث معي عن موضوع عدم حجابي ؟ فقال لها وهل جئت تسألينني عن هذا الأمر؟ لن أحدثك عما لم تسألي عنه..ثم صافحها بعد ذلك بكل ود واحترام, أيضا لا أنسي أنني عندما سألته بعد الثورةعن التيار الأقرب إلي نفسه بين التيارات الدينية فقال لي انتمائيللإسلام نفسه وليس لجماعة بعينها لم أفعل ذلك من قبل ولن أفعله الآن. لماذا أذكر تلك الرواياتالآن؟ السبب هو رفضي لما حدث للشيخ المحلاوي فحتي لو صدقما قيل عن أنه طالب الناس بتأييد الدستور والذي قام هو بنفيه بعد ذلك ولكن هذا ليس سببا للهجوم علي شيخ بهذه القيمة وفي بيت من بيوت الله وإذا كنا في الأسبوع الماضي قد سجلنا رفضنا لما حدث لشاهندة مقلد عندما كانت تتظاهر ضدالدستور فإننانرفض ما حدث مع الشيخ المحلاوي, وأري أنهعلينا ونحن نعبر عن آرائنا ألا نهدر قيما ورموزا مهمة في مجتمعنا فحتيوإن اختلفنا معهم في الرأي فهم الجزء المضيء في تاريخ هذا الوطن.[b]