فضفض معانا مش عارفه اتكلم صح

مش عارفة أتكلم صح
أميرة بدران

فضفض لنا

Oct 20 2013
آخر تحديث 20:49:19
أجد صعوبة بالغة في صياغة أبسط الأفكار و دائما
أجد صعوبة بالغة في صياغة أبسط الأفكار و دائما

السلام عليكم.. أنا فتاة عمري 23 سنة لدي مشكلتين سأحاول أن أوجزهما لكم مشكلتي الأولى هي أنني لا أستطيع أن أتصرف تصرف نابع بشكلٍ كامل من اعتقاداتي وقناعاتي الشخصية، دائما ما أجعل قناعات الآخرين وآراءهم مقياسًا لسلوكياتي.

غير أني مترددة إلى حد كبير للغاية ولو كان ترددي يتوقف عند حد اتخاذ القرارات الهامة لكان الأمر هينا بالنسبة لي و لكن المشكلة أن التردد يريد أن يؤكد ذاته في كل تصرف وكل موقف أقوم به، فأتردد وأنا اعبُر الطريق وأتردد وأنا أتحدث فأبتلع الكلمة في منتصفها بعد خروجها من فمي وأتردد في اختيار الطعام من قائمة أحد المطاعم وأتردد وأنا أعطي البائع ثمن شيء ما اشتريته فأود لو أبدله أو أتراجع عن شرائه حتى لو كانت قطعة شيكولاتة وأشعر دائما بالندم بعد كل اختيار.

- المشكلة الثانية و هي خاصة بالتحدث والكلام، فلا أستطيع على الإطلاق أن أتحدث بطلاقة، فأجد صعوبة بالغة في صياغة أبسط الأفكار و دائما عندما أتحدث لا أعرف ما الذي يحدث فاقلب الجمل دون أن أشعر.

أو أبطئ وأنا أتحدث لأقول الكلمات ببطئ كطفل يتعلم الكلام، أو تخرج الجملة سريعة للغاية دون قصد مني وهذا لا يحدث عندما أكون متوتر بل حتى مع أسرتي أو إذا تحدثت مع نفسي أو مع أطفال صغار.



yaramo





أهلًا بك وسهلًا يا ابنتي، وحقيقًة لن أكتم عنك شعوري بالسعادة حين قرأت رسالتك رغم ما تحمله من آلام، فأنا سعيدة لسببين، أولهما؛ لأنك تطرقين الأبواب لتحلي مشكلاتك، وكذلك سعيدة؛ لأنك بمهارة شديدة تمكنت من تنظيم أفكارك ووصفت مشكلاتك بوضوح، فهنيئًا لك ببداية العلاج.

والآن نعود لما تصورتي أنهما مشكلتان، وهما في الحقيقة مشكلة واحدة رئيسية تفرع منها في الغالب أثر من الآثار فظهرت في شكل اضطراب في كلامك، والمشكلة الرئيسية هي"ضعف ثقتك بنفسك"؛ فالثقة بالنفس ببساطة شديدة هي إجابة السؤال الآتي:"كيف تنظرين لنفسك؟"، فحين ننظر لأنفسنا نظرة ايجابية وجيدة فنسعد بمميزاتها ونفعلها فنحقق إنجاز وراء إنجاز فنحن أشخاص واثقون من أنفسنا، وحين تختل هذه النظرة فننظر لأنفسنا نظرة سلبية ودونية ونعلق تقيمنا لأنفسنا على مدى رضا ومدح الآخرين لنا حتى نشعر بالأمان والتوازن فهذه حتمًا نظرة تشير لوجود مشكلة في الثقة بالنفس؛ والثقة بالنفس ليست فطرية ولكنها مكتسبة نتعلمها منذ الطفولة المبكرة حين كنا صغارًا فنتمكن بعد عناء من تحريك جسمنا كما نريد، نتمكن من دفع الكرة، نتمكن من ارتداء ملابسنا، نتمكن من قضاء حاجتنا وحدنا، فيقابل هذه القدرة تشجيع من الأب والأم ومساندة لتحقيق المزيد فيترسخ داخل أنفسنا أننا قادرون، أننا ننجح بعد المحاولات.

وهكذا على مدار عمرنا يومًا بعد يوم، مع استمرار الدعم والتشجيع وتحميلنا بمسئوليات تتناسب مع أعمارنا وقدراتنا، ولكن حين تقابل تلك المحاولات التي نثبت فيها وجودنا وذواتنا بطريقة تربية غير سليمة كالنقد المستمر، أو التوبيخ، واللوم والمقارنة بيننا وبين إخوتنا، أو جيراننا، أو أقاربنا، أو حين يكون نمط التربية النمط الذي يعتمد على القسوة و العنف، أو مثلًا التخويف الزائد والحب الزائد والذي يعرف بنمط تربية الحماية الزائدة، وكذلك تربية الإهمال والتي فيها ينشغل الأب والأم عن الأبناء بالعمل، أو السفر، أو العلاقات الاجتماعية الغير صحية فينشأ الطفل ولديه يقين من داخله بأنه غير محبوب، أو أنه ليس له قيمة، فلا أحد يتحدث معه عن نفسه، عن أحلامه، عن اهتماماته، عن هواياته، عن علاقاته،..الخ.

وما اختزلته في تعريف الثقة بالنفس وهي"كيف نرى أنفسنا؟"، لا يتعلق بالتصرفات، أو المفاهيم، أي: أننا قد نجد شخص يتصرف تصرفات خاطئة، أو بعيدة عن القيم التي تربينا عليها ولكنه يرى نفسه جيدًا ويرى أنه شخص يحمل مميزات فيكون واثقًا من نفسه رغم أخطاء تصرفاته؛ لذا فهمتك ومهمتك الأولى والآن هو أن تتخلصي من هذا الضعف الذي طال معك، وبدأت آثاره تؤثر على نفسيتك، وحتى تتخلصين من هذا الضعف ستقومين بعدة خطوات غاية في الأهمية تحتاج منك وقت وجهد ودأب، وقبل كل ذلك تحتاج منك "إدراك"، أي تتفهميها وتستوعبيها وتصدقيها من داخلك بصدق، وهي:

-مراجعة الماضي من عمرك، خصوصًا حين كنت صغيرة، لا لكي يزداد غضبك، أو يزداد حزنك ولكن لتتفهمي حقيقة ما كان يحدث بداخلك حين حصل موقف كذا وكذا، فتتعرفي على حقيقة مشاعرك وتسميها التسمية الصحيحة؛ فمثلًا حين فعلت كذا غضب والدك أو والدتك ونهرتك ونعتتك بصفات سيئة كغبية، طول عمرك ما بتعرفيش تعملي حاجة، مش عارفة تحصلي أخوكي الصغير، يا فاشلة، يا خايبة،..الخ، فتتذكري أنك كنت مرتبكة وحزينة، ولكن حين تفكرين بهدوء ستجدي أنك كنت"رافضة" لفكرة أنك غبية؛ لأنك لست كذلك، أو أنك من الخارج حزنت ولكن في الحقيقة كنت تتألمين من جرحك وتلومين من يصرخ بوجهك أنه الذي قصر معك في أمر ما جعلك تقعين في هذا الخطأ، أو ما يتصورونه أنه خطأ، وهكذا ستتمكنين من إدراك حقيقة مشاعرك.

-لا تقعي في فخ "الحنق" على من حولك؛ لأنهم تعاملوا معك بطريقة غير تربوية؛ فرغم أننا لن نتمكن من الدفاع عن بعض تصرفات أهلنا الغير مناسبة، أو الجارحة، إلا أننا نتمكن من الدفاع عن حبهما لأبنائهم حتى وإن أخطئا في التعبير عن هذا الحب وهذا الخوف علينا، فعذرهم أنهم لم يتأهلوا ولم يتعلموا كيف يربون بطرق سليمة واعتمدوا على ما فهموه، أو قلدوا ما رأوه دون مراجعة.

- التدرب على مهارة رصد الأفكار السلبية؛ فنحن نتصرف وفقًا لنظام يبدأ بالأفكار ويمر بالمشاعر وينتهي بالتصرفات، فهي دائرة مغلقة في العديد من النظريات؛ فنحن نحمل في عقولنا أفكار جاءت من طريقة التربية، أو الخبرات والمواقف التي عشناها فتأكدت تلك الأفكار حتى لو كانت خاطئة، أو سلبية ؛ لأن معظمها كان من الاستنتاج وتكرار من الآخرين، ثم تتحول تلك الأفكار لمشاعر نشعر بها، وتملأ كياننا، ثم تتحول تلك المشاعر لتصرفات نتصرفها.

فمثلًا لديك فكرة أنك ستتحدثين حديثًا تافهًا، فتتحول تلك الفكرة لمشاعر مثل التوتر، الضيق، الخنقة، الخجل،..الخ، ثم تتحول تلك المشاعر لتصرفات مثل: الصمت، الارتباك، التردد، فحين تنتج تلك التصرفات عن الدائرة تتأكد الفكرة أكثر!، وهكذا، لكن حين تتدربين على "رصد" تلك الأفكار واستبدالها بأفكار جيدة وإيجابية ستتغير المشاعر وبالتالي تتغير التصرفات، فمثلًا أنا أفضل من العام الماضي، أو تعلمت من تلك التجربة السيئة، أو تحسنت في كذا، وأعلم أن تلك الخطوة صعبة، ولكنها ليست مستحيلة وبالجهد والتركيز ستتغير.

-كيف ستتغير تلك الأفكار السلبية؟، بأن تكتبي مثلًا كل يوم 10 أشياء نجحت في عملها حتى لو كانت بسيطة، وتكملي مثلًا جمل مثل: أنا نجحت في اقناع ماما بــ...، حين احتاجت مني فلانة كذا قمت بكذا...، تمكنت من عمل ..... بنجاح في المطبخ، انتظم في صلاة....كل يوم، وهكذا.

وهذه الخطوات بتكرارها والتدرب عليها ستنمي ثقتك بنفسك فيأتي التدرج والتكرار، ثم "البروفة" في علاقاتك البسيطة مع أختك، ثم أسرتك الصغيرة، ثم أصدقائك المخلصين،وهكذا؛ فالثقة بالنفس تبنى وتتدرج، أما ما يخص كلامك فهو تجلي من تجليات فقدان الثقة بالنفس والذي قد يكون مصاحبًا للرهاب أو الخوف الاجتماعي، فأهم ما يمكن أن أقترحه عليك؛ أن تتدربي بينك وبين نفسك على الكلام بتسجيله وإعادة قوله مرة بعد مرة حتى تتمكني من قول الجمل سليمة، ويمكنك القيام بهذا التدريب مع شخص تثقين فيه.

وكذلك حين تتحدثي لا تشغلي بالك بالتلعثم الذي قد يحدث فهذا التفكير أثناء الكلام هو ما يسبب هذا التلعثم؛ لأنك تنشغلي بما سيحدث وبما سيقوله الآخرون فترتبك كلماتك، فلتركزي أكثر على الفكرة التي تريدي توصيلها بدلًا من الانشغال بما سيحدث، يمكنك كذلك أن تكتبي الجملة وتكرريها بقلبك وتعطي لسانك أجازة حتى تتمكني من قولها بداخلك بشكل سليم ثم تبدئي بالتصريح بها بصوتك، ولا مانع من التواصل مع أخصائي تخاطب للكشف عن وجود مشكلة وظيفية في اللسان والفك وغيره من عدمه.

وأخيرًا أذكرك بأن الثقة بالنفس هي أساس الاستقرار النفسي والإنجاز، وأن الشخص الواثق في نفسه ليس الشخص الذي لا يخطئ، أو الذي يتحدث دومًا في المليان، ولكنه الشخص الذي ينظر لنفسه نظرة جيدة ويتقبل نفسه ويحبها ليتمكن من تهذيب أخطائها وتقوية مناطق قوتها تجربة بعد أخرى، وأن البراعة في الكلام ليست هي براعة الشخص فلدينا مثل شعبي يقول"الي يكتر كلامه يكتر غلطه"، وأظنك لا تحتاجين أن أذكرك بأن عظماء ومشاهير ومؤثرين في البشرية لم يكونوا على درجة عالية من المهارة في اللغة، أو في الكلام، هيا ابدئي وتوكلي على العظيم.



لو عايز تفضفض لنا دوس هنا



Share on emailShare on print|Share on facebookShare on twitter
|