يمكن أن تتسع الهوة في الاتصال بين الرجال والنساء إلى حد كبير عندما يبدو الشركاء مختلفين عنا.
وكأنهم قد أتوا من الفضاء الخارجي, دعنا نتظاهر ولو لفترة وجيزة أن ذلك حقيقي.
دعنا نتصور أن الرجال يأتون من كوكب المريخ , وأن النساء يؤتين من كوكب الزهرة.
دعنا نتصور في يوم من أيام الماضي السحيق, أن سكان المريخ اكتشفوا عن طريق النظر بأجهزة
التلسكوب بحوزتهم وجود كوكب الزهرة, لقد ملوا طول تعلقهم بكوكب واحد وهو المريخ, ولكن بمجرد
مشاهدتهم لسكان كوكب الزهرة بمنظر عجيب بدئوا يشعرون بالإثارة, لذا قاموا بسرعة فائقة ببناء سفن فضاء
واستخدموها في الطيران إلى كوكب الزهرة وعندما وصلوا كانت دهشتهم فائقة من الطريقة التي انتابت
شعورهم مع وجود هذه المخلوقات الجميلة, وبدئوا يشعرون بالقوة والحيوية, كذلك بدأ إحساس جديد بالمسؤولية
والهدف يدق أوصالهم .. أما قاطنات الزهرة فكانت ردود أفعالهن قوية مع وصول سكان المريخ.لقد كن يعرفن
بالبديهة أو الحدس أن يوما كهذا سيأتي, فعند رؤية أهالي المريخ شعرن بحب راسخ في قلوبهن لم يسبق لهن
الإحساس بمثله. قالت بعضهن أنهن شعرت وكأنهن زهور تتفتح لأشعة الشمس الدافئة, بينما شعرت أخريات
بمزيد من التركيز والصفاء, بما لديهن من حكمة داخل نفوسهن . . قرر أهالي المريخ والزهرة أن يطيروا بسفن
الفضاء التي بحوزتهم, ليعيشوا بسعادة بعد ذلك على أجمل كوكب من المجموعة الشمسية_وهو كوكب الأرض
عاش الجنسان بعد ذلك لفترة من الزمن في تناغم دون وجود أي صراع..كان السر في النجاح الذي تحقق هو
التقدير والاحترام الكبيران اللذان أبداهما كل من الجنسين نحو بعضهما البعض,ولم يحاول أي منهما تغيير
بعضهما البعض,ولم ينظرا إلى ما بينهما من اختلافات من منطق التفوق والتدني,وكان كل منهما يقدر إلى حد
بعيد كيف أمكن للاختلافات بينهما أن تكمل بعضهما بعضا, وعن طريق التفاعل الودود بينهما شعر الجميع
بأنهم أكثر قوة واكتمالا. ذات صباح عندما تمكن جو الأرض من أن تكون له غلبة التأثير على الجنسين,
استيقظ الجميع مع نسيان تام قد سيطر عليهم.لقد نسى الجميع أنهم قد أتوا من كوكبين مختلفين,وفي لحظة واحدة
نسوا أن من المفترض تماما أن يكونوا مختلفين وأنهم كانوا يتحدثون بلغتين تبدوان متشابهتين وان كانتا في
الحقيقة متباينتين, وعندما حاول الجميع التواصل استحال التفاهم بينهم..لقد نسى كل من أهالي المريخ والزهرة
أن احتياجاتهم ورغباتهم كانت مختلفة,ونسوا أيضا أنه كانت لديهم حوافز وأغراض وأهداف وقيم وطرق خاصة
ونزاعات وبواعث ودوافع وردود أفعال مختلفة, وأنه كانت لهم طرق متباينة في التفكير والشعور والتميز
والاستيعاب والإدراك والفهم واتخاذ القرار والاستنجاد.كذلك نسى هؤلاء الناس أنهم كانوا مختلفين في طرق
السلوك والاستجابة.
وفي ليلة واحدة فقد الجميع الوعي اللازم لاحترام خصوصيات بعضهم البعض,وأصبحت الاختلافات تفسر على
أنها عيوب وكروب تمثل أنواعا من الغباء والمرض والجنون والوضاعة وعدم النضوج,والعناد والأنانية
والضعف والسوء, وعلى الفور ظهرت مجموعة من المشاكل.لقد أصبحت الاختلافات بين أهالي المريخ
والزهرة مصدرا للصراع بدلا من أن تكون مصدرا للمرح والتقدير والروعة.وبطريقة مماثلة أصبح كل من
الرجال والنساء يشعرون بالإجبار على تثبيت أو تغيير كل منهما الآخر,بدلا من تقديم العون والرعاية والتدعيم,
ومما لا يحتاج إلى بيان أن إعطاء وتلقي العون قد أصبحا من الأمور الصعبة.لقد فقدت العلاقات سحرها,
حيث أصبحت مليئة بالاضطراب والمعاناة, فرابط الحـــب ينفصم عندما يعجز كل من الرجال والنساء
عن أن يفهموا ما بينهم من اختلافات, أو يحترموا , ويقدروا , ويقبلوا تلك الاختلافات . . .