هناك بعض العبارات فى عالم السياسة تكون عاكسة وكاشفة نفسياً لحقيقة موقف أحد الأطراف أكثر من أى دراسات أو تحاليل.
من هذه العبارات ما نطق به عاصم عبدالماجد، أحد أقطاب الجماعة الإسلامية من على منصة مسجد رابعة العدوية أمس الأول.
وقف عاصم عبدالماجد ليلقى خطاباً نارياً ضد مؤسسة الجيش وضد ائتلاف جبهة الإنقاذ وحركة تمرد وكل من خرج يوم 30 يونيو ضد نظام حكم الإخوان، وقال متوعداً: «يا إحنا يا همه» وطالب الحشود المتظاهرة تحت المنصة بأن تكرر خلفه تلك العبارة التاريخية المؤثرة «يا إحنا.. يا همه.. يا إحنا.. يا همه»!!
والمتأمل لهذه العبارة سوف يكتشف أنها رغم أنها عبارة قصيرة مكونة من أربع كلمات، فإنها شديدة الدلالة على الفكر الإقصائى المخيف الذى يمكن أن تصل إليه الحالة النفسية والرؤية الفكرية لأى فصيل سياسى.
إنها جملة مضادة تماماً لأى إمكانية للتعايش أو القبول للمشاركة الوطنية أو احتمال التوصل إلى تسوية سياسية عبر الحوار أو التفاوض الجدى.
وأخطر ما فى هذه العبارات أنها تحمل حالة من التحريض والعداء الذى يصل إلى حالة الرغبة فى إقصاء الآخر إلى حد الرغبة فى إفنائه أو التخلص الكامل منه أو حذفه من الوجود.
هذا المنهج من التفكير، بالتأكيد أبعد ما يكون عن روح الفكر الإسلامى السمح الذى يرى أن البشر كلهم أمة واحدة من ذرية سيدنا آدم، وأن الجميع يشتركون فى أنهم عباد الله جاء بهم الخالق إلى هذه الدنيا كى يعمروا الأرض على البر والتقوى.
هذه الروية تعكس جوهر أزمة التفكير المغلوط تجاه الآخر الذى يمكن الاختلاف معه.
هذه الرؤية أيضاً تعكس حالة من الخلل المخيف فى منهج المنظور السياسى لطبيعة الأزمة التى تحياها البلاد هذه الأيام وهى أزمة لا يمكن أبداً الخروج منها إلا بتسوية سياسية تاريخية طال الزمن أو قصر.