قمة الغباء السياسي
هناك نكتة ساخرة يطلقها أهل مصر على غباء مواطن صعيدي فيقولون: «واحد صعيدي أراد معاقبة زوجته معاقبة شديدة فقام بإجراء جراحة لنفسه لمنع الإنجاب»!
وبالطبع السخرية في النكتة تقوم على أنه من الغباء الكامل أن يقوم الإنسان بمعاقبة نفسه وهو يعتقد واهما أنه يعاقب الغير.
وقد يعتقد بعضكم أن مثل هذه القصص المفرطة في السخرية هي أمور لا تحدث إلا في خيال الكتّاب أو الروائيين الساخرين، لكن الأمر المذهل أنها تحدث في واقع الحال وتصدر عن شخصيات كبرى تؤثر في حياتنا السياسية.
تذكرت تلك النكتة وما تحتويه من حكمة شديدة السخرية وأنا أقرأ تصريحات للصديق العزيز والدبلوماسي المخضرم الدكتور عبد السلام التريكي، وزير خارجية ليبيا الأسبق، في عهد العقيد القذافي، والشاهد على عصره.
يروي الدكتور التريكي أن أجهزة العقيد قامت بتفجير طائرة ليبية مدنية متجهة من بنغازي إلى طرابلس لاتهام الولايات المتحدة، كذبا، بالمسؤولية والمقايضة بالحادث بالمسؤولية الليبية عن تفجير طائرة لوكيربي!
هل هذا معقول؟!
قمة جنون أجهزة القذافي تفجير ليبي لطائرة ليبية للقصاص من الأميركان!
بالضبط، إنه ذات المنطق الذي حكم عقلية صاحبنا الصعيدي بطل النكتة!
كيف كان هؤلاء الناس يحكموننا لسنوات وعقود طويلة، وإذا كان هؤلاء بهذا القدر من الحماقة والغباء السياسي فكيف استطاعوا أن يسوسوا الملايين من الأذكياء؟!
هل كنا بهذا السوء والتبلد والانبطاح حتى أننا بقينا في حالة استسلام كامل لهذا النوع من الحكام والحكومات والأجهزة لأكثر من نصف قرن؟ ليست الأزمة أن يحكمنا الحمقى والأغبياء، ولكن الغباء والحماقة أن نصدقهم أو ندعي أننا نصدقهم خوفا منهم ومن جنونهم المطبق.
إنها صفحات سوداء في تاريخ العرب المعاصر ندعو الله أن لا تتكرر مرة أخرى.
نرجو أن نكون كشعوب قد تعلمنا الدرس جيدا.
2 >