الآن يمكنك حذف الذكريات السيئة
وبذلوا الكثير لفهمه والكشف عن أسراره التي لايزال الغموض يكتنف الكثير من جوانبها .
الشغف الذي يستحوذ على الغرب فيما يتعلق بكل ما هو خاص بالذاكرة أمر لا يمكن نكرانه ويتزايد بشكل غير مسبوق. نظرة واحدة على الصحافة الأجنبية تؤكد هذا، ففي الهيرالد تريبيون مؤخرا تقارير عن أبحاث تتمحور حول إعادة الذاكرة لمرض الزهايمر وفى مجلة هاللو البريطانية تحقيق عن ألعاب تكتسح الأسواق بهدف صقل الذهن وتقوية الذاكرة وفى هوليوود نجوم كبار يرجون لتلك الألعاب ومقالات تؤيد جدواها وأخري تتحدث عن وهم اعتمد علي التسويق الجيد وتعامل مع اهتمام الناس المتزايد بتقوية الذاكرة أو علي الأقل المحافظة عليها مع تقدم السن فمع ازدياد الوعي بدأ الناس يدركون أهمية هذا الأمر فى الحياة بشقيها الشخصي والعملي. من أحدث المقالات التي تناولت الجديد فى علم الذاكرة وعطت اهتمام الناس به ،
كانت تلك التي نشرتها مجلة فوكاس العلمية فى عددها الأخير لعالم النفس المعروف شارلز فرنيهوج صاحب الكتاب التي يحمل عنوان “أجزاء من النور: علم الذاكرة الحديث” ومن أجل جذب القارئ بدأ بالحديث عن آخر أعمال النجم الشاب كولين فاريل وهو فيلم “ توتال ريكول “ الذي يحقق نجاحا كبيرا فى شاشات العرض فى كل أنحاء العالم ويطرح التساؤل التالي : هل من الممكن فعلا أن يتم التلاعب بالذاكرة أو التحكم فيها سواء بالحذف أو الإضافة ؟ توتال ريكال هو إعادة لفيلم كان قد تم إنتاجه من قبل وليس الأول من نوعه الذي اعتمد فى تحقيق نجاحه علي فكرة التحكم فى الذاكرة فقبله كانت ثلاثية “ماتريكس“ و”رجال فى ملابس سوداء” وغيرها من الأعمال التي تناولت مسالة تحكم الإنسان بواسطة العلم الحديث فى ذاكرة البشر .
أضف واحذف من وإلى ذاكرتك !
لم تعد مسألة الحذف من أو الإضافة إلي مخزون الذاكرة والذكريات أمراً يقتصر علي الخيال العلمي نحسب وإنما بدأ العلم يحوله إلي واقع يوما بعد آخر وقد أثبت فريق بحثي من جامعة نيويورك أنه عندما حقن بعض الفئران بعقارجديد لوحظ أنه يمكن الحذف من الذاكرة أشياء كانت قد تعلمتها بناء علي تجارب سابقة مثل الخوف من اقتراب سلك كهربائي بعينه وهكذا. التحدي الذي يواجه العلماء هو كيفية استهداف معلومات أو ذكريات بعينها دون الأخري بحيث تتم الاستفادة من هذا دون مشاكل نفسية لصاحبها أو تلك الأجزاء الخاصة بالإدمان لدي من ابتلوا بهذا البلاء.
هذا عن الحذف ماذا عن الإضافة ؟ تقول د. اليزابيث لوفوس أستاذة علم الأعصاب فى جامعة كاليفورنيا انه فى الواقع استطاع العلماء إجراء اختبارات فعالة فى هذا الصدد منذ سنوات مضت وذلك بالاستعانة بمجموعة من المتطوعين. تم عرض فيلم قصير عليهم وبعده مباشرة تم عرض مشاهد أخري لا علاقة لها بالفيلم شكلا وكثفوا تعريضهم لبعض التجارب والأحداث عندما سئلوا عن أحداث الفيلم كان لافتا للنظر أن الأغلبية مرضت بين أحداثه وتلك الأحداث الأخري التي رآها بعده وهكذا يمكن لأجهزة بعينها إحداث نوع من خداع الذاكرة علي أفراد بدمج مشاهد وتجارب مختلفة.
الذاكرة عن قرب
يمكن تقسيم الذاكرة إلي نوع قصير الأجل جدا يتم تخزينه فى جزء الدماغ الخلفية وثان قصير الأجل يتم تخزينه فى جزء الدماغ الأمامي خلف الجبهة مباشرة ويلعب الهيبوكامباس وهو جزء من المخ يشبه القرنين دورا فى نقل بعض هذه المعلومات أو الذكريات إلي مركز الانفعال فى الدماغ لمدة طويلة أما الذاكرة الطويلة فتنتقل اليها المعلومات إذا ما تم التكرار والتدريب للمعلومة أو المشهد مثلا.
وفى دراسة أجراها د . ريان بورن فى جماعة لوبيك الألمانية أكد الأطباء وجود صلة وثيقة بين النوم والذاكرة حيث يقوم المخ خلال ساعات اليوم بحفظ المعلومات بشكل مؤقت حتي يتم تخزينها وتجهيزها أثناء ساعات النوم لكي تستقر فى الذاكرة الطويلة حيث ترتبط مع معلومات وذكريات أخري ويتم تفريغ جزء من المخ لاستقبال معلومات أخري فى اليوم التالي عقب الاستيقاظ وهكذا لذلك قد يفكر الإنسان فى حل لمشاكل ما ولا يقدر علي إيجاده حتي إذا نام وقام المخ بتخزين المعلومات وربطها بما سبق من معلومات سابقة استطاع الانسان إيجاد الإجابة لتساؤله وهو نائم نوما عميقا.
ويؤكد التقرير فى المجلة العلمية انه فى حين يحتاج المخ إلي 48 ساعة لتخزين المعلومات فى الذاكرة الطويلة يساعد التكرار علي توسيع المسارات العصبية وسهولة استعادة المعلومة كذلك تزداد صعوبة هذه العلمية مع تزايد المعلومات والانطباعات فى فترة قصيرة فالمعلومات تتداخل وتبني بعضها فوق بعض لذلك إذا قامت أم مثلا بقراءة قصتين لطفلها فى وقت قصير يتذكر الطفل القصة الثانية بسرعة أكبر لأنها أتيت علي ما فوقها وهكذا كلما زادت سرعة إدخال المعلومة علي ما قبلها زاد انطماس المعلومة الأولي فلا تذهب من الذاكرة تلك الأخيرة أو إنما يصعب استخراجها ويمكن استرجاعها بعد فترة إذا ما ارتبطت بذكري أخري أو معلومة اتصلت بها.
هرمون السعادة
كلما ذكرت مسألة تنشيط الذاكرة ذكر العلماء هرمون الدوبامين أو هرمون السعادة الذي يفرزه الدماغ لتشجيع الإنسان علي حل المسائل والمداومة علي تعلم الجديد ويمنح صاحبه شعورا بالرضا عند التغلب علي مسألة صعبة والدوبامين ينقل المعلومات بين الخلايا العصبية ويحفز نشاط العقل وينقل الذكريات من الذاكرة القصيرة للطويلة بسهولة وهذا يفسر عدم نسياننا الأشياء التي ننجزها لأول مرة لأن الدوبامين يرتبط إفرازه بانشغالها بمسألة جديدة وبدوره يساعد علي تذكر الذكريات الخاصة بالشىء الجديد والتجربة المستجدة.
بيزنس النجوم لتقوية الذاكرة
ربما تكون المحافظة علي الرشاقة والنضارة هي أحد أهم الأسرار التى يهتم الناس بالاطلاع عليها فى حياة النجوم والمشاهير,. هؤلاء الذين ينفقون اموالا طائلة علي مظهرهم الذي يعتبر رأس مالهم الحقيقي وأحد الضمانات التي من شأنها إبقاء أسمائهم علي الساحة واستمرار الطلب عليها. الطريف أن أخبار المشاهير الآن لا تستأثر بها خانات الريجيم والرياضة البدنية فحسب وإنما نجدها الآن أيضا تأخذ منحني آخر وهو الاهتمام بالصحة الذهنية فنجد أن أمثال نيكول كيدمان وبيونسيه وفيرن بريتون وفيليب شوفيليد وجورج كلوني وأليك بالدوين وغيرهم وقت التقطت لهم عدسات المصورين لقطات وهم يمارسون ألعاب الفيديو جيم والنينتندوز والتى تهدف لصقل الذاكرة وتنشيط المخ حتي أن نيكول كيدمان اختيرت كوجه دعائي لأحد هذه الأجهزة .هذه الألعاب بدأت تلقى رواجا مؤخرا بعد أن ساندتها بالرأي بعض الجهات العلمية .
وعلي سبيل المثال لا الحصر نجد أن أحد هذه البرامج والذي يحمل اسم” جانجل ميمورى” يؤكد صانعوه أنه أثبت علميا قدرته علي تحسين الدرجات الدراسية للأطفال الذين يستخدمونه عن طريق تحسين الجزء فى المخ المنوط بما يطلق عليه الذاكرة العاملة وهو الجزء الذي يرتب المعلومات قبل استخدامها هذا التاكيد جاء مدعوما بدراسة لمركز الذاكرة والتعلم التابع لجامعة ستيرلنج بفريق بحثي بقيادة د. تريس الواي التي أجرت دراسة علي مجموعة من الاطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 11 و 14 سنة ويعانون من بطء فى التعلم وقامت بتعريضهم لأجهزة تحمل ذلك البرنامج لمدة 20 دقيقة بثلاث مرات أسبوعيا لمدة 8 أسابيع ثم تم اختبارهم فى ألعاب الذاكرة ومعدل الذكاء ليلاحظ أن المعدل الأخير ارتفع لدي الأطفال بمتوسط 10 نقاط وهي طفرة هائلة بجميع المقاييس ولكن فى حين تتنافس عدة شركات فى الاستحواذ علي النصيب الأكبر من الكعكة الجديدة التي سرت فى الناس كالنار فى الهشيم رأت بعض الجهات مثل المركز البحثي لعلم الأعصاب فى جامعة كوليدج لندن أن الدليل العلمي لم يثبت أن هذه الألعاب من شانها فعلا زيادة معدل الذكاء أو تقوية الذاكرة ولكن ما أشار إليه الفريق البحثي هناك وعلي رأسهم د . كريس بيرد طبيب الأعصاب والمخ المعروف أن مفاتيح تقوية الذاكرة والإبقاء علي الذهن ناشطا تدور حول ثلاثة عناصر أساسية هي ما أثبتت التجارب العلمية والابتكارات جدواها وليس سواها .
مفاتيح الذاكرة الثلاثة :
1- أهم هذه المفاتيح أن تتحكم فى حياتك ومسارها بحيث تبتعد عن الروتين فى إنجاز الأشياء بمعني أن تختار لنفسك دائما مهمة جديدة تنجزها أو شئا تتعلمه يعتمد علي إعمال الذهن بداية من الكلمات المتقاطعة وألعاب الدكاء وانتهاء بتعلم فن جديد أو آلة موسيقية أو لغة جديدة ومرورا بمحاولة إعمال الذهن فى قضية لم تمكن تشغل البال من قبل. بصفة عامة يعتبر الركود والسكون الذهني ألد أعداء ذاكرة الإنسان.
2- انظر ماذا تأكل تعرف مستوي قوة ذاكرتك وحدة ذهنك وبشكل عام ثبت علميا أن الدراسات التي أجريت علي الإنسان وهو يتقدم شيئا فشيئا فى السن أكدت أن انحدار وتضاؤل التوقد الذهني والذاكرة تقل حدتها إذا كان الغذاء يحتوي علي كميات غنية من الأسماك وزيت الزيتون والحبوب الكاملة والخضروات وعلي وجه الخصوص السبانخ والخس والقرنبيط والبروكلي .
3- تحرك باستمرار وتذكر أن ثمة رابطة غير مرئية تصل بعلاقة طريفة بين قوة الذاكرة وصحة العقل من ناحية وبين النشاط البدني وممارسة الرياضة بشكل مستمر ومنتظم من ناحية أخري وقد قدمت كلية لندن دراسة علي مجموعة من الذين تزيد أعمارهم على65 سنة تبين منها أن هؤلاء الذين يمارسون الرياضة 3 مرات أسبوعيا قلت لديهم احتمالات الإصابة بضمور الذاكرة بنسبة 38 % مقارنة بهؤلاء الذين لم يهتموا بالرياضة بنفس المقدار كذلك أكدت نفس الدراسة أن عوامل أخري تصب فى نفس الاتجاه وفى مصلحة المحافظة علي الذاكرة والذهن ومنها الابتعاد عن التدخين والمحافظة علي الوزن وعلي معدل ضغط الدم والحصول علي قسط كاف من الراحة .
كلمات البحث: الآن - يمكنك - الذكريات - السيئة
جميع حقوق النشر محفوظة لمؤسسة الاهرام [b]