العالم بدون إسلام !!
وهل كان سيمنع- مثلا- حروبا كالحروب الصليبية أو الصراع الدائر حاليا بين الغرب ودول الشرق الأوسط في إيران وقبلها العراق ؟
الإجابة هي لا. والكاتب يدلل علي ذلك بأن الغرب احتل دولا عديدة رغم أنها تدين بالمسيحية مثل إثيوبيا التي حكمها الإيطاليون بعنف شديد, بل إن الكاتب يقول: علي فرض أن الشرق كان معظمه من أتباع المسيحية الأرثوذكسية فإن هذا لم يكن يجعل العالم أكثر هدوءا بدليل أن أكثر نزاعات التاريخ الدينية مرارة واستمرارية وعنفا كانت بين الكنيسة الكاثوليكية بروما والأرثوذكسية في القسطنطينية, فالتوتر بين الشرق والغرب- فيما لو كان الشرق الأوسط مسيحيا- كان سيظل كما هو الآن, وما يؤكد ذلك أن صموئيل هنتنجتون في كتابه صراع الحضارات وضع العالم الأرثوذكسي مع العالم الإسلامي ضمن مجموعة الحضارات التي ستدخل في صراع مع الحضارة الغربية, ولا ينسي فولر أن يدلل علي كلامه- أيضا- بسرد بعض من الصراعات وحوادث الإرهاب التي حدثت في العالم ولم يكن للإسلام علاقة بها.
والحقيقة أن ما نخلص إليه من مقالة الكاتب أن مشكلة الغرب مع منطقتنا ليست مشكلة ديانات, وإنما مشكلة مصالح وبسط نفوذ, وأن طبيعة وثقافة سكان تلك المنطقة أيا كانت دياناتهم كانت ستجعلهم في حالة صراع مع الغرب. السؤال الذي لم يجب عنه الكاتب هو: لماذا إذا كل هذا الهجوم علي الإسلام رغم ما تعانيه شعوبه من ضعف ؟ الإجابة- من وجهة نظري المتواضعة- هي أنه بعد سقوط الشيوعية كتيار فكري يربط بين عدد كبير من الدول وسيطرة أفكار الغرب علي تلك الدول, كان الدور علي الإسلام الذي يكاد يكون هو الرابط الوحيد الذي لا يزال يجمع دول المنطقة في الشرق الأوسط, ففكرة القومية العربية قد انهارت, وأفكار الوحدة والتكامل كتب عليها الفشل, والمنطقة تموج بالعرقيات المختلفة.
كما أن الخوف من الإسلام ليس بسبب وقوفه حجر عثرة ضد تفتيت المنطقة فحسب, وإنما لسبب آخر أهم وهو الخوف من تصديره عبر الهجرات إلي تلك الدول, والتي يعاني معظمها من تراجع عدد المواليد بصورة كبيرة, فهم يخشون أن تكون الغلبة في عدد السكان خلال العقود القادمة لصالح المهاجرين.
براءة الإسلام من تهمة إشعال العنف بين الشرق والغرب والتي يؤكدها كلام جراهام فولر أمر يدركه الساسة الغربيون جيدا ولكنهم يستغلون جهل وحماقة ردود أفعال شعوبنا لإلقاء تبعة ذلك علي الدين الإسلامي لتحقيق أهدافهم.
وأعتقد أنه قد آن الأوان للقيام بحملات قوية من الشخصيات والرموز ذات الجماهيرية لتعليم وإرشاد الناس كيفية التعامل مع تلك الاستفزازات التي لن تتوقف إلا إذا فهمنا كيف نتعامل معها بطريقة يدرك من خلالها أصحابها أنها تصرفات ليس لها تأثير, فهل يمكن أن نجد عمرو موسي وسليم العوا وعبدالمنعم أبوالفتوح وحمدين صباحي وحازم أبوإسماعيل وأبوتريكة وغيرهم كثيرون يقودون حملة لتغيير سلوك الشباب عند التعبير عن الغضب؟ أعتقد أننا نحتاج إلي ذلك بشدة بقدر ما يحتاجون هم لعمل تربيطات انتخابية.
نور الكلمات :
"التنوع الإنساني: يجعل التسامح أكثر من فضيلة ويجعله متطلبا للبقاء". رينيه دوبو
"خلاف الرأي مفيد في الدين". ثومرز جيفرسن
كلمات البحث: العالم - بدون - إسلام