الأنانية المفرطة
قرأت رسالة التغير المفاجيء للشاب الذي توفي والده منذ عامين ولاحظ أن
والدته تميل إلي رجل متزوج وله زوجة مريضة فقابله وأكد له أنه لا يعارض فكرة زواجه من أمه وشجعه علي التقدم إليها وقد تزوجها بعقد شرعي وعاشت أمه سعيدة معه.
ولا شك أن تصرف هذا الابن في منتهي الحكمة والعقلانية ـ علي حد التعبير الذي وصفته به في ردك فمشاعر الأرملة تختلف من امرأة إلي أخري فهناك من لا تفكر في الزواج مرة أخري وهناك من تشعر بالرغبة في تكرار تجربة الزواج ولكنها تكبت رغبتها المشروعة بسبب الظروف غير الملائمة وأبرزها ما يلي:
< موقف أهل الزوج الراحل الذين يتهمونها بعدم الوفاء لذكراه, كما أنهم يخافون من زوجها الجديد الذي قد يسيء معاملة أبنائها أو يتحرش ببناتها.
< إذا كانت الأرملة ثرية فإن أقاربها يعارضون زواجها بشدة خشية أن يبدد زوجها ثروتها التي ينتظرون أن تئول اليهم بعد وفاتها.
< إذا كانت الأرملة جدة فإن أولادها وبناتها يتعاملون معها بأنانية ويزعمون أنها حصلت علي حظها في الحياة وينبغي أن تشغل وقت فراغها في العبادة ورعاية أحفادها رغم أنهم لا يقومون برعايتها فكل ابن مشغول بزوجته وأبنائه وكل بنت مشغولة بزوجها وأبنائها, ويكتفون جميعا بالاتصال بها تليفونيا للاطمئنان عليها وقد لا يزورونها إلا لكي يتركوا لها أطفالهم الصغار لترعاهم حتي يتمكنوا هم من قضاء مشاويرهم.
ولكاتب هذا التعليق د. سمير القاضي أقول:
لعل السبب الأبرز التي يجعل الأبناء يرفضون زواج أمهاتهم بعد رحيل آبائهم هو البعد النفسي, فلا يتصور الابن أن يحل أي رجل مكان أبيه ويأخذ أمه منه, متجاهلا مطالبها النفسية التي لا تبوح بها غالبا وتلجأ إلي الزواج بحجة أنها في حاجة إلي من يرعي أبناءها ويقوم علي مصالحهم.
إنها الأنانية المفرطة من جانب الأبناء ولو فكروا قليلا لأدركوا خطأهم في حقها حيث تكون في حاجة إلي التعويض النفسي عما لاقت من متاعب في تربيتهم, وكما أنه أصبح لكل منهم حياته الخاصة فإنها هي الأخري تبحث عن شريك حياة يؤنس وحدتها فيما تبقي لها من عمر.
وما أكثر أمثلة هذا الشاب الشهم الذي أدرك احتياج أمه إلي من يحتويها فسارع ـ من تلقاء نفسه إلي حل مشكلتها دون أن تبوح له بما في نفسها ـ وحسنا ما فعل ـ وليت كل من فقدوا آباءهم يتعلمون مما فعله هذا الشاب النبيل.
[b]