لا تمل من متابعة حركاتي ومراقبة سكناتي، وتجد في كل هفوة تصدر عني خيطاً يدلها عن ما خفي عنها، وتتابع بعينيها يدي وهي تعبث بهاتفي النقال؛ لعلها تلتقط أرقامي السرية، تختلس النظرات بينما أنا منشغل برسائل العمل على الكمبيوتر.
هامش خاص
صداقاتي الكثيرة لم تكن مشكلة بالنسبة لي قبل الزواج، لكن بعد الزواج أصبحت تشكل لزوجتي هاجساً، ولكن حريتي خط أحمر، لم ولن أقبل أن أشعر أن زوجتي تراقبني. أرفض أن تطلع على محادثاتي؛ فهناك هامش في حياتي خاص بي، مجال أستمتع به مع أصدقائي دون مسؤوليات كما في الماضي.
لم أحاصرها كما تحاصرني؛ لأن الحياة الزوجية بنظري مبنية على الثقة، ولو تعاملت بذات الأسلوب لما استمرت حياتنا أبداً.. نظرات الشك والرقابة التي تحيطني بها تدفعني للخروج من البيت أحياناً؛ لكي لا أشعر أني متهم.
زوجي السبب
أعترف أن غيرتي مبالغ فيها، لكن ما أسمعه من صديقاتي عن قصص الخيانة دفعني لتتبع حركاته، وأن أفاجئه باتصالاتي في أوقات لا يتوقعها.
أوقن أن ثمة مشكلة، والمتهم والمتسبب فيها زوجي؛ فدوماً ينعتني بالشكاكة، ولكنه ينسى أنّ تصرفاته هي السبب. يرفض أن يعطيني كلمات المرور الخاصة به، هاتفه النقال دوماً في يده ولا يفارقه، وبرامج الدردشة فيه لها كلمات مرور لا أعرفها، ويرفض أن يقولها لي، يخرج أحياناً دون أن يخبرني إلى أين هو ذاهب، حتى أحاديثه مع أصدقائه على الهاتف تكون دوماً بالألغاز.. صحيح أنه يرفض رقابتي ولكن ليس هناك حل آخر لأتخلص من غيرتي سوى «المراقبة».
ودوماً أسمع قصص صديقاتي وزميلاتي في العمل عن الخيانة، ولا أريد أن أكون الضحية التالية.. ليس لعدم ثقتي به ولكن الحذر مطلوب، وربما يأتي يوم أتوقف فيه عن مراقبته، ولكن عليه أن يغير من نفسه أولاً.
جنون الشك
الأخصائي النفسي بمستشفى الحرس الوطني محمد البصيص يرى أن الغيرة والمراقبة المبالغ فيهما مشنقة يلفها البعض على حياته الزوجية، ويقول: «الشيء الذي قد يدفع بأي إنسان لمراقبة الشريك هو الشك وفقدان الثقة، ولا يمكن لأي علاقة أن تستمر دون الثقة، والمراقبة بكل أنوعها تعتبر زيادة في الأعباء على المراقب؛ فهو دائماً سيكون في حالة بحث وترقب ولا يشعر بالأمان. وقد يتحول الشك والمراقبة المبالغ فيهما إلى مرض نفسي وهو «البارانويا» أي جنون الشك، وقد يبدأ الطرف المراقب بتركيب قصص وهمية تماشي شكوكه، مبنية على مصادفات بحتة استقاها من مراقبته لشريك حياته».