يعد النسيان وقلة التركيز أو ضعفه من أمراض العصر التي تتعدد وتتشابك أسبابه وبناء على معرفة السبب يمكن العلاج، فقد يكون النسيان ناتجاً عن أسباب عضوية أشهرها الأنيميا أو قد ينتج عن كثرة التفكير في شيء ما ولهذا لا يكون التركيز عالياً عند التفكير في باقي الأمور الأخرى. تقول أستاذة الصحة العامة بكلية الطب جامعة القاهرة الدكتورة سلوي عبدالعظيم إن أسباب النسيان إما عضوية أو نفسية ومعرفة السبب نصف طريق العلاج ، والأسباب العضوية يأتي على رأسها الإصابة ببعض الأمراض التي تسبب نقصاً في التركيز، وأشهرها على الإطلاق الأنيميا بأنواعها المختلفة، وهي نقص نسبة الهيموجلوبين في الدم، ويتم اكتشافها بعمل صورة دم كاملة. وتضيف عبد العظيم إن الهيموجلوبين مسؤول عن توصيل الأكسجين لأنسجة الجسم، وأهمها على الإطلاق خلايا المخ؛ لذا يسبب نقص الهيموجلوبين ضعف كمية الأكسجين التي تصل إلى المخ، ومن ثم يسبب ذلك نقصًا في التركيز وضعفًا في الذاكرة، وتنصح عبد العظيم بتجنب المؤثرات الخارجية التي تسبب ضعف التركيز مثل الضوضاء أو القلق والتوترلافتة إلي أن انشغال الفرد بالتفكير في أمور معينة، يؤدي أحياناً إلى نقص التركيز عند التفكير في باقي الأمور الأخرى، فلو ركز الإنسان اهتمامه في هذه الأشياء التي ينساها ويتدرب على ذلك لما أدى إلى ضعف التركيز ومن ثم النسيان، وضعف الذاكرة؛ لأن ضعف التركيز ابتداء يؤدي إلى صعوبة تخزين المعلومات، ومن ثم لا يجد الإنسان ما يستعيده وهو ما يكون بداية للدخول في النسيان. في ما يقول أستاذ علم النفس بجامعة الأزهر الشريف الدكتور هاشم بحري إن قلة التركيز أو الانتباه مع فرط الحركة من الأمراض التي تظهر في مرحلة الطفولة المبكرة وتمتد لسنوات طويلة مما يميزها عن الاضطرابات السلوكية التي قد تصيب بعض الاطفال العاديين، لافتاً إلي أن الأطفال والمراهقين وحتى الراشدين الذين يعانون من عجز الانتباه وفرط الحركة غالباً ما تكون لديهم مشاكل في تركيز الانتباه المرتبط بالنسيان في العمل الروتيني مثل معظم الأعمال المدرسية ، وذلك على الرغم من أنهم ربما يؤدون أداء حسناً في الواجبات المثيرة أو المحفزة. ويوضح بحري أن للنسيان عدة فوائد عقلية وصحية ونفسية إذا هو تم بالشكل العادي فهو بمثابة راحة وتخفيف الأعباء على الدماغ وفي الوقت نفسه تجديد للنشاط وإتاحة الفرصة لخبرات جديدة يتعلمها الإنسان والتخلّي عن معلومات أو خبرات قديمة لم تعد تفيد بسبب عمليات التطور أو التعلم الجديد فالنسيان في حدوده العادية أمر صحي مفيد ولكن النسيان أو قلة التركيز بمعنى الانحدار الإدراكي يعد من الأمراض النفسية أو العضوية وعلاج هذه الحالة يكون بعلاج السبب، كما أن هناك بعض الأدوية التي تساعد على تقوية الذاكرة وتنشيط الذهن، وتأتي فائدتها على المدى البعيد، وهذه الأدوية تستخدم تحت إشراف الطبيب المتخصص بحسب الحاجة والأحوال. ويقول أستاذ علم النفس بجامعة القاهرة الدكتور ياسر نصر إن النسيان وضعف الذاكرة قد يكون من طباع الشخصية وقد تكون من الأسباب النفسية أحلام اليقظة التي تعتبر حيلة من حيل الدفاع النفسي يلجأ إليها الإنسان لا إراديًا للهروب من الواقع، والضغط والصراع النفسي، وتحقق له هذه الأحلام نوعًا من الراحة والمتعة، إذ يستطيع أن يحقق في عالم الخيال ما لم يحققه في عالم اليقظة. ويضيف نصر ناصحاً من يعاني من تلك المشكلة.. عندما لا تستطيع التركيز أو التنظيم، فاعتقد أنه في المقام الأول أنه ربما يكون لديك مشكلة في إدارة الوقت، فإن إدارة الوقت هي الآن من العلوم المتميزة والضرورية جداً فأبدأ بإدارة الوقت، واعلم أن الواجبات أكثر من الأوقات، وأعلم أن الوقت من ذهب، فخصص وقتًا للراحة، وخصص وقتا لممارسة الرياضة، وخصص وقتًا للعمل، وآخر للعبادة، ووقتًا لترفيه والترويح عن النفس، ووقتًا للتواصل الاجتماعي، فإذا استطعت أن تنظم وقتك ستعالج جزءاً كبيراً من أزمة ضعف تركيزك ونسيانك للأمور والأشياء.