فن التعامل مع الناس
23-10-2013, 08:05 PM
يتفاوت الناس في أخلاقهم وطباعهم ما بين سوء الخلق وحسن الخلق , فمنهم لين الطبع دمث الخلق طيب العشره , ومنهم جاف الطبع سيئ الخلق صعب في التعامل ؟؟ وما بين هذا وذاك مزيج من الطباع والسلوك والتصرفات ؟؟ والحكم على الناس يكون بحسب أفعالهم لا أقوالهم , وكلما انطبقت الأقوال مع الأفعال كلما انتظم ميزان الأخلاق والقيم ؟؟ ان من المستحيل ان تتسم حياة البشرعلى أرض الواقع بالمثالية والكمال , علينا ان نتكيف مع الظروف المحيطه بنا , ونتستثمر الايجابيات ونتعامل باعتدال مع قضايانا ومشاكلنا اليوميه , وان نحاول التغلب على السلبيات باسلوب سلس دون تعقيد -
البعض تسمع منهم الحديث عن قيم الأمانة والصدق والأخلاق الفاضله , وعند الامتحان تسقط كل الاعتبارات الا اعتبار المصالح المجرده والمنافع الماديه , بعيدا عن تلك القيم التي كانوا ينادون بها , بل ان البعض يظن ان من يتعامل معه ويقف أمامه انما هو انسان غبي , يحاول استغلال طيبته وحسن تعامله ورقة مشاعره بشتى الوسائل ؟؟ ومن الناس من يتسامى فوق الصغائر , ويكبت مشاعر الغضب , قوي الاراده , ينتصر على نفسه , فيعيش مرتاح الضمير , هادئ البال -
ان التعامل السليم مع أصناف البشر المختلفه لهو فن عميق لا يجيده الا من اتصف بالحكمة واختبر الحياه , وتربى على موائد الرحمن وتدبر آيات كتابه الكريم , اذ يقول جل من قائل : (( خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين )) ( 199 الأعراف )¸لقد جمعت هذه الآية الكريمه مكارم الاخلاق بأجل معانيها , كما قال الامام جعفر الصادق رضي الله عنه – وهو ترسم معالم الطريق القويم للتعامل مع شتى أصناف البشر -
فالعفو هو الأمر السهل الميسر الذي لا تكلف فيه , وهو ما عفي من أخلاق الناس وطباعهم , وما بدر منهم من بذل أو عطاء أو شكر أو تصرف - أي خذ منهم ما جادت به أخلاقهم وطباعهم ولا تكرههم على التصرف بما لا يملكونه من ملكات ؟؟ وتجاوز عن تقصيرهم وغض الطرف عن نقائصهم وأخطائهم ؟؟ وبذلك تسهل على الناس أمورهم وتسير الحياة بلا تعقيدات أومصاعب , من الصعب تغيير سمات الشخصيات وطباعها ومشاعرها المختلفه , لذا فان التعامل مع الناس يجب ان ياخذ في الاعتبار تلك الصفات المتفاوته , والناجمه عن ضغوطات الحياة وظروفها ومشاكلها المعقده –
والعفو عائد نفعه الى صاحب العفو , كما يقول الشيخ الشعراوي رحمه الله , لأن الله سبحانه وتعالى يجازيك ويقف معك حين يعزعليك اخوك فهنت له , أو اذا تعالى عليك ولم تقابله بالمثل , سامح من أساء إليك , ولا تعتقد أنك تبدو بذلك ضعيفًا، فالصفح يحتاج إلى قوة أكبر من الانتقام , فالمؤمن هين لين مع اخوانه المؤمنين ؟؟
أما العرف فهو السلوك والتصرف الذي تعرف العقول صوابه , وتطمئن اليه نفوس المؤمنين , ويتعارفون عليه ولا يستحون منه , ويوافق شرع الله , كمن يتقدم لوالد فتاة لخطبتها مثلا , فالأمر شائع بين الناس ولا يتعارض مع الشرع ولا يستحي أحد منه , فان العرف عند المجتمعات الاسلاميه يعتبر مصدر من مصادر الأحكام الشرعية في الاسلام –
أما الاعراض عن الجاهلين فهو عقاب لهم , فالجاهل هو من يتعصب لقضية تخالف الواقع ويصرعلى رأيه , فان فشلت محاولاتك باقناعة بالحسنى , وأصر على جهله , فان أفضل طريقة للتعامل معه هو اهماله والبعد عنه – وكا يقال لا تجادل الأحمق فان الناس لا تفرق بينكما , ولا تخاصم من ليس لديه ما يملكه من مخزون مادي أو معنوي , فلا فرق عنده بين الحياء أو الفضيحة ؟؟ يقول الرسول صلى الله عليه وسلم " المؤمن كيس فطن " - فقبل الدخول في حوار يجب ان يحدد المحاور البعد الفكري للشخص الذي أمامه , فان وجده ممن يستحق الحوار , بذل معه كل الأسباب التي يقنعه به للعدول عن قناعاته الخاطئه واعادته الى الحق ’ اما ان كان من الجهلة السفهاء فمن الحماقة الحوار معه أو محاولة اقناعه –
ان المثالية والكمال ليسا من صفات البشر فكلنا نخطئ ولكن الانسان الحكيم يعامل الناس بأخلاقه لا باخلاقهم , ويتسامح ويتجاوز عن مساوئهم , بذلك تسود المحبة بين الناس ويلتقي أفراد المجتمع على قيم الفضيلة والأخلاق الحميده -----