مفهوم السعاده
مند أن وجد الانسان على وجه الأرض وهو يبحث عن السعاده – يكافح من أجلها , يركض خلفها - يقول عالم النفس الشهير فرويد : ان هدف الحياة هو السعاده – اذ يقول في كتابه " الحضارة ومنغصاتها " : ما الذي يطلبه الناس من الحياه ويودون تحقيقه خلالها ؟ ؟ ان الناس يكافحون من أجل سعادتهم – انهم يريدون ان يكونوا سعداء وان يظلوا على هذا النحو ؟؟
لكن مفهوم السعاده يختلف من شخص الى آخر , ومن مجمتع الى آخر , باختلاف الزمان والمكان وباختلاف المعايير والقيم - ولم يتفق الفلاسفة منذ القدم وعلى مر العصور في التعبير الدقيق عن معنى السعادة وكيفية تحقيقها , فهي تتفاوت تفاوتا كبيرا فيما بينهم - فارسطو يرى ان السعادة هي الخير البشري , ويكمن الخير في تحقيق ما تريد , فالبعض يريد تحقيق هدف معين قد يكون الشهرة او الثروة او الشرف او الثقافة , لأن المرء بلا هدف انسان أحمق ( غير سعيد ) -
أما فلاطون فيرى أن الشخصية الانسانيه تتألف من ثلاثة أجزاء : هي العقل والروح ومجمل الشهوات , فاذا تآلفت هذه الأجزاء الثلاثه , وانسجمت الأهداف مع الرغبات فان السعادة سوف تتحقق ؟؟ أما جورجياس وكاليكليس فيريا أن السعادة هي أن يحصل المرء على كل ما يريد ويحقق كل رغباته , بينما يرى نيتشه عكس ذلك , اذ يرى ان تصادم الرغبات يحقق السعادة ويقضي على روتين الحياة الممل ؟؟
وهناك مذهب فلسفي آخر هو مذهب اللذه الكمي , الذي يرى أن السعادة تكمن في تحقيق أقصى درجات اللذة والمتعه , لكن هناك من يعارض هذا المذهب كما يقول جون ستيوارت : ( من الأفضل ان تكون موجودا بشريا مستاء على ان تكون خنزيرا متلذذا ) – اما الفيلسوف كانت فيرى ان مفهوم السعادة لا يكمن فيما يمكن الحصول عليه من خلال العقل , فمفهوم السعادة أمر غير محدد , وكل انسان يقيم حياته بطريقته الخاصه , ولا يستطيع ان يبين بشكل واضح حقيقة ما يرغب فيه ؟؟ أما ديل كرنيجي صاحب كتاب : " دع القلق وابدأ الحياة " , فهو يرى ان السعادة ليست فيما نملكه وحققناه ولكن فيما نفكر فيه ؟؟
السعادة شعور داخلي , يتمثل في سكينة النفس ، وطمأنينة القلب ، وانشراح الصدر ، وراحة الضمير , وهدوء البال - وما من إنسان إلا وهو يسعى إلى تحقيقها في حياته - بعض الناس يرى أن السعادة في جمع الثروات الطائله , او في اعتلاء المناصب العليا , او ان يكون له جاه او سلطان او القاب رفيعه , أو غير ذلك من مغريات الحياه – ان كل هذه أو بعض منها لا شك يعطي بعض السعادة والاطمئنان ان كان قد تحقق عن طريق مشروع , وان كان من حققه قد توكل على الله وأيقن ان له الفضل في تحقيقه - لكن السعادة الحقيقيه تكمن في انسجام الاقوال مع الافعال , وتناغم الافعال مع ما يؤمن به الشخص , ويتفق مع قيمه ومبادئه – فلا انفصام ما بين العقل والقلب , ثم انسجام الاهداف مع الأمور المشروعه – السعادة الحقيقيه تكمن في التعامل بالعدل مع الناس , واعطاء كل ذي حق حقه ؟؟ في رسم البسمة على افواه الآخرين , في مشاركة الناس بما نملك من امكانيات مادية او معنويه ؟؟ فيما نثق بأن ما بقي لدينا خير مما ضاع منا وأثمن - يقول تعالى : {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُون َ} – اما اذا كان الهدف هو مقتنيات الدنيا المادية فقط واللهاث المتواصل خلفها , فان في ذلك الشقاء بعينه - : قال تعالى: ( مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ ) -
السعادة الحقيقيه تكمن في ايمان المرء بان حياته القصيره ما هي ممر نحو حياة ابدية , يؤمن بخالقه عز وجل ويحسن الظن فيه , ولا يفعل الا في الحدود التي رسمها له – السعادة تكمن في رسم اهداف ساميه , والعمل على تحقيقها من خلال السعي المتواصل , والعمل الجاد والعزيمة القويه , بعد التوكل على الله – هي المشي ما بين الأشواك في الطرق الوعره , بتوكل وبحرص وحكمه وبصيره؟؟؟ هي العمل في الدنيا من اجل صلاح الآخره (وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ ۖ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا ۖ وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ ۖ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ ۖ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ ) – ان المؤمن الذي لا يلبس ايمانه بظلم , فلا يشرك بالله , هو الذي يتمتع بالامن من كل جوانبه , وهذا الامن هو يمنحه السعادة الحقيقيه –
كلمات بحث: غير متوفر