قولي زميلي ولا تقولي صـاحبي
توضيح من: هويدا يوسف
<="" p="" border="0">
Bookmark and Share
المشكلة طرحتها دعوات للتفريق بين الجنسين في الجامعة مع الاعتراف بوجود لخبطة أساسا في الموضوع, فعندما تنطق البنت كلمة صاحبي تنهرها امها و تقول اسمه زميلي , رغم أن كثيرات من البنات يفضلن صداقة الأولاد
بسبب الغيرة التي تسيطر عليهن في سن الدراسة .. هل الصداقة تجوز للجنسين بمعني وجود صداقة حميمة بين شاب وفتاة؟ وإذا كانت الإجابة نعم .. فلماذا حينما نري شابا وفتاة في أي مكان ننظر إليهما علي أنهما مخطئان رغم وجود احتمال كبير لكونهما مجرد صديقين؟ فلم يتقبل مجتمعنا حتي الآن مفهوم الصداقة بين الجنسين, ورغم أنه يتقبل الزمالة لوجود المرأة في أماكن كثيرة بجوار الرجل سواء في العمل أو الدراسة ظهرت مؤخرا أصوات تنادي بالتفريق بين البنين و البنات في الدراسة الجامعية.
تقول مريم عبد الفتاح طالبة جامعية: إن الصداقة بين الشاب والفتاة تكون أنجح من الصداقة بين الجنس الواحد لأن الغيرة بين الفتيات هي التي تفسد الصداقة والعلاقة بين البنت والولد من الممكن أن تكون بعيدة عن الأفكار السيئة التي يتخيلها المجتمع, وللأسف كثير من الأهل لا يستطيعون حتي الآن تفهم هذا, فعلاقتي مع أصدقائي أفضل من علاقتي من صديقاتي فالتعامل مع الشاب المحترم المتفهم لطبيعة العلاقة تكون أفضل.
وتقول هالة مدكور (أم) إنني أعطي لأولادي حرية أن يكون لهم أصدقاء وصديقات لكن لابد أن أتعرف إليهم وإذا تمكنت من معرفة أسرهم يكون أفضل وهذه الصداقة بالنسبة لي لها شروط وهي أن يكون أصدقاؤهم متكافئين معهم في السن والمستوي الاجتماعي أيضا, فنحن لسنا من الأسر التي ترفض صداقة الجنسين, فالاختلاط مفروض علينا سواء في الجامعة أو العمل فلماذا الرفض.
تقول (مايسة درويش) طالبة جامعية: أنا من عائلة يطلق عليها عائلة محافظة ممنوع البنت يكون لها صديق أو حتي زميل والمسموح لها فقط صداقة البنات, وطبعا هذه الأفكار قديمة ولا تناسب العصر الذي نعيشه, ولكي أريح نفسي أبدو أني مقتنعة بها, طبعا لي أصدقاء وأتكلم معهم وهم شباب محترمون ويتعاملون مع زميلاتهم باحترام ولكي لا يعرف أهلي أكلمهم في التليفون علي أنهم بنات وأسجل أرقامهم علي الموبايل بأسماء بنات أيضا لأنني غير مقتنعة بأفكار أهلي فما المانع من أن يكون للفتاة صديق طالما في حدود الأدب والاحترام.
يري الدكتور محمد عويضة أستاذ الطب النفسي جامعة الأزهر أن الصداقة بمثابة مؤسسة من مؤسسات الصحة النفسية الاجتماعية وككل الأشياء لها جوانب إيجابية وجوانب سلبية, فمن خلال هذه المؤسسة يشعر الإنسان بالانتماء إلي آخر وأيضا يمارس فيها (الفضفضة أو البحبحة) أي يخرج ويتشارك مع آخر فيما بداخله من أحاسيس ومشاعر سلبية كانت أم إيجابية, أما أبرز الجوانب السلبية فإنها أحيانا ما تحل محل الوالدين أي يصبح العقل الجماعي لشلة الأصدقاء بمثابة المرجعية لأعضاء الجماعة أو الشلة ويحل محل تعليمات وتوجيهات الوالدين مما يساعد علي انتشار المظاهر التي نراها من طريقة معينة في ارتداء الملابس والألوان وقصات الشعر وانتشار أفكار التطرف وأيضا الإدمان, هذه هي الصداقة بشكل عام أما الصداقة بين الجنسين فهي مهمة جدا في التطور النفسي للإنسان خصوصا في المرحلة العمرية من 15 20 سنة أي مرحلة المراهقة,
ففي هذه المرحلة يتعرف الإنسان إلي الآخر المختلف عنه في الجنس وأيضا يتقبله ويتعرف إليه كاتجاهات وأفكار ومواقف وتنمو فيها العواطف تجاه الجنس الآخر غير المرحلة التي تبدأ من 6 سنوات إلي 15 سنة يتعرف فيها الإنسان إلي الآخر المتفق معه في الجنس. والمجتمعات التي تمنع وتحرم العلاقة الطبيعية بين الجنسين في مراحل العمر المبكرة تنتشر بها ظاهرة الشذوذ الجنسي وأيضا المجتمعات المفرطة في العلاقات بين الجنسين تنتشر بها العلاقات غير الطبيعية بين الجنسين وأيضا الشذوذ مثل إذا حرم الإنسان من الماء يموت عطشا وإذا ألقي به في الماء يموت غرقا بينما القليل يروي العطش ويحافظ علي الحياة,
أما السلبيات فتتمثل إذا كانت علاقة الصداقة تتم بعيدا عن الناس وفي الأركان فإنها عادة تأخذ منحني غير سوي لأن هذه المرحلة مع الفورة أو الثورة البيولوجية لجسد الجنسين توجد أيضا ثورة نفسية واجتماعية تظهر في التمرد علي سلطة الوالدين وعصيانهما وعدم الإستماع لنصائحهما وتوجيهاتهما وتنمو الرغبة الجنسية تجاه الجنس الآخر, فإذا كانت الصداقة بين الولد والبنت تنمو بعيدا عن الناس ستنجرف سريعا نحو علاقة جنسية وتبتعد عن مفهوم الصداقة الحقيقية والمطلوبة التي ننادي بها فلابد أن تكون في إطار شلة وتكون في النور, وهذا النوع من الصداقة يحمي أبناءنا من كثير من مظاهر الفساد مثل الإدمان والتطرف والممارسات الجنسية خارج إطار الزواج وفيها يتقبل كل فرد نفسه ويتقبل الآخر المختلف عنه مما يعزز ما نسميه بثقافة التسامح مع الآخر خصوصا إذا كانت توجد بها مسلمون ومسيحيون,
فهذه الشلة يطلق عليها الوسط الصحي الذي يمارس فيه الإنسان مراهقته وتمر بخير وسلام بدون مشاكل نفسية أو اجتماعية أو أخلاقية. وهناك ملاحظة مهمة للآباء والأمهات أن أبناءنا دائما في حالة حب في كل مراحل عمرهم المختلفة, فمثلا الأبناء في سن 6 إلي 15 سنة يكون الحب بالنسبة لهم من بعيد إلي بعيد, ومن 15 إلي 20 سنة يكون الحب للحب بمعني أنهم يحبون الحب لذاته وعادة يكون الحب هنا مشتعلا ومليئا بالعذابات والآلام والعتاب أيا كانت مواصفات المحبوب, من 20 إلي 30 سنة من أبنائنا يحبون الحب وفق مواصفات أي يحبون الشخص لصفاته التي تصلح لتكوين أسرة وهذا الحب يكون هادئا, بالتالي إذا كان أبناؤنا في مرحلة المراهقة ويمرون بمرحلة الحب المراهق لا داعي لقلق الأهل فهي مرحلة القلوب تتفتح فيها للآخر وللحب بشكل خاص وعادة ما تنتهي هذه العلاقة مع بداية العشرينيات, ولكن المطلوب أن نساند أبناءنا لنشجعهم علي المصارحة لكي يستفيدوا من خبرات الأم والأب, فمثلا إذا تكلم الابن مع والدته فعليها الاستماع وتفتح له أسرار الجنس الآخر في حدود معلومات مناسبة لسنه, والجدير بالذكر إذا لم نسمح لأبنائنا بهذه العلاقة العاطفية الحامية سيشعرون بحرمان عاطفي شديد ويتوقون لمثل هذه العلاقة المشبوبة في الكبر وهي تتمثل في المراهقة المتأخرة.
وتقول الدكتورة سامية الساعاتي أستاذة علم الاجتماع جامعة عين شمس الصداقة قيمة سامية وهي علاقة بين اثنين أو أكثر تقوم علي الاختيار الحر والتوافق والمشاركة والمصارحة إلي غيرها من القيم الجميلة والمضيئة في حياة كل إنسان, هناك عبارات معروفة تدل علي أهمية الصداقة وتؤكد ضرورة أن يكون لنا أصدقاء فالمثل الإنجليزي يقول (الصديق الحق من تجده عند الحاجة) وعبارة أخري ذات دلالة عميقة معناها: إنني أولد لأجد أخي لكن صديقي أنا الذي أقوم باختياره, الصداقة عامل السن فيها مهم جدا ففي سن العاشرة أي منتصف المراهقة تختلف عنها في سن الجامعة وأيضا تختلف في سن الثلاثين أي بعد التخرج والإنشغال بالعمل, وتختلف المجتمعات في رؤيتها للصداقة بحسب ثقافتها وأسلوب حياتها والعادات والتقاليد السائدة فيها, هناك مجتمعات ترحب بالصداقة بين الجنسين في أي سن وفي كل سن قبل الزواج وبعد الزواج مثل المجتمعات الغربية والأمريكية, وهناك مجتمعات أخري يمثل فيها كل من الدين والعادات والتقاليد قوي كبري تحدد اختيار الصداقة وهي المجتمعات الشرقية ومنها مجتمعنا المصري, فالمجتمع المصري غالبا ما يؤيد وجود صديقة للولد ولا يؤيد وجود صديق للبنت إلا فيما ندر حين يكون الآباء والأمهات علي قدر عال من الثقافة والمعرفة والفهم ويتحاورون مع أبنائهم ويسمعون منهم ويعرفون أصغر وأكبر همومهم وهؤلاء الآباء لا يؤيدهم المجتمع ويمكن القول عامة أو مجتمعنا الذكوري لا يري غضاضة في صداقة الجنسين في السن الصغيرة المعروفة بالطفولة أي حتي الثانية عشرة, أما في سن المراهقة والجامعة,
وما بعد ذلك فإنهم ينظرون إلي هذه الصداقات بعين الريبة والشك والرفض. أري صداقة الجنسين ضرورية وبخاصة وسط الضغوط الشديدة التي يمر بها مجتمعنا طالما هي في جو صحي مفتوح بعيد عن الخصوصية والانزواء ومن خبرتي في التدريس في كليات مختلطة وكليات غير مختلطة لاحظت أن الكليات المختلطة هي التي يكون فيها الطلبة أكثر نضوجا وتهذيبا فكل من الجنسين يظهر أحسن ما عنده أمام الجنس الآخر أي صدقات الجنسين في الجامعة تبني شخصية كل منهما, أنا أخص الجامعة لأنها الجو الصحي الأول الذي يتم فيه الاختلاط في الدراسة بين الولد والبنت بسبب الفصل بينهما في المدارس في المراحل المتوسطة, أدعو إلي تغير مفاهيم الآباء والمربين بالنسبة لصداقة الجنسين, لنعلم بناتنا أن الولد ممكن يكون مثل أخ, في الماضي كانت التربية تقوم علي تخويف البنت من الأولاد ولهذا السبب كانت شخصيات البنات تتسم بأنها مهزوزة وضعيفة لا تقدر علي المواجهة, فلابد أن نتخلص من هذه المظاهر السلبية في حياتنا.
كلمات البحث: قولي - زميلي - ولا - تقولي - صـاحبي