أرجو أن يتسع صدرك لي وأن أجد لديك ما احتاج إليه من مشورة، فأنا فتاة متدينة ويشهد لي الجميع بأنني علي خلق، وأريد أن أحدثك عن شخص لا أعرفه علي المستوي الشخصي لكنني علي الرغم من ذلك قد كرهته كرها كبيرا، ولكي أوضح لك الأمر فلا بد أن أرجع الي البداية، فقد تقدم هذا الرجل لطلب يد أمي وهي في العشرين من عمرها ووافق الأهل ورحبوا به، فتم زواجهما وبعد ثلاث سنوات من الزواج و المعايرة لأمي بعدم انجابها أنجبت بنتا وسعدت بها لكن زوجها غضب لأن المولودة بنت وليست ولدا، ومضت الأيام وحملت أمي مرة أخري وأنجبت فجئت أنا الي الحياة، وبدلا من أن يفرح بي أبي اعتبرني كارثة جديدة، لمجرد أنني بنت وازدادت خلافاته مع أمي، وبعد أقل من عام حملت أمي من جديد وتمني الجميع ان يكون المولود هذه المرة ذكرا، فإذا بها تضع البنت الثالثة وهي أختي الصغري، وحين علم هذا الرجل الذي هو أبي بنوع المولود ترك أمي في المستشفي وأرسل اليها بورقة الطلاق، وهجرها وهجرنا نهائيا فلم نعرف عنه شيئا منذ ذلك الحين، وتولي خالي المقيم معنا بنفس المحافظة المسؤولية عن تنشئتنا ومساعدة أمي في نفقات المعيشة، ثم ازدادت أعباء الحياة عليه فأصر علي أن تتزوج أمي لتجد رجلا يتحمل مسؤوليتها.. وتزوجت بالفعل من أحد أقاربنا فكان هذا الزوج هو بداية الاستقرار الحقيقي في حياتنا، كما شاءت إرادة الله ان تحمل من زوجها بعد أقل من عام وأن تكون المفاجأة هي أن تضع ليس ولدا واحدا وإنما توءم من الذكور! ومضت السنوات وتخرجت أختي الكبري في الجامعة وتقدم لها شاب ناجح وتزوجته.. وجاء علي الدور في الزواج لكني رفضته شكلا ومضمونا، وقلت للجميع انني لن أتزوج ذات يوم، ورحبت بزواج أختي الصغري خريجة الآداب من شاب ممتاز وعلي خلق، وراحت أمي تؤجل اتمام زواجها علي أمل أن أرتبط بشاب وأتزوج قبلها، لكني تمسكت بموقفي، وبعد زواج اختي وجدت نفسي وحيدة، فراحت الاسئلة المحيرة تتردد داخلي:
لماذا فعل بنا ذلك الشخص ما فعله بأمي وبنا نحن البنات الثلاث؟ وكيف هجرنا كل هذه السنين دون ان يخطر له أن يسأل عن بناته، ويعرف ماذا فعلت الدنيا بهن، وهل هو حي أم ميت؟ انني احمد الله علي ما نحن فيه من حال الآن، لكني أريد أن أعرف سببا واحدا لما فعله بنا هذا الشخص، وقد زاد من غضبي أنني قرأت في كتاب لأحد كبار الأئمة أن الآية 46 من سورة النجم تقول وأنه خلق الزوجين الذكر والأنثي، من نطفة إذا تُمني وأن المقصود بذلك هو نطفة الرجل، وأن العلماء قد أعلنوا أن عنصري البشرية الذكر والأنثي موجودان في ماء الرجل وأن تحديد نوع المولود يأتي من جانب الرجل وليس للمرأة شأن فيه.
فأي عذر إذن لمثل هذا الرجل.. لقد أصبح لا يمضي يوم من أيامي دون أن أدعو عليه.. وكثيرا ما تمنيت أن أشطب اسمه من أوراقي الرسمية.. وأكره أن يناديني أحد باسمه، لكني بالرغم من كل ذلك أخشي الله، وأخاف عاقبة عقوق الوالدين ولا أدري هل أنا مخطئة في حق هذا الرجل، وهل استحق عقاب السماء علي عقوقه، أم ماذا تري؟