ساقه القدر إلى مدينة كل سكانها من العميان ، لقد ظن الرجل فى البداية
أنه سيملك القوم عملا بقاعدة " الأعور وسط العميان مفتاح "
الرجل ليس أعور إنما هو مبصر تمام الإبصار
لكنه لم يلبث أن اكتشف حقيقة الأمر و أدرك أنهم يريدونه مثلهم
بل لن يقبلوه إلا لو كان مثلهم أعمى !!
إن طول فترة مباشرتهم للظلام جعلهم يبغضون الضياء و لا يتصورون أن يكون من بينهم من يبصر ذلك الضياء و يرى الدنيا بلون آخر خلاف اللون الحالك الذى يغشى مدينتهم الكئيبة
لذلك عاملوه كالمجنون و طالبوه أن يفقأ ذلك العضو الغريب و الذى يجعله
مختلفا و يجعله يقول أشياءً و يرى أمورا غير التى ألفوها و اعتادوا عليها
و ذلك إذا ما أراد التعايش معهم !
قد كاد أن يفعل الضغط الدائم و الاستهجان المتواصل و الرفض المستمر لما يقول و يرى جعله يقدم على تلك الخطوة ليستطيع الاندماج والقاعدة تقول " اللى زى الناس ما يتعب "
لكن بطل القصة تراجع فى آخر لحظة و قرر الاحتفاظ بعينيه
قرر ألا يكون إمعة
قرر ألا يطمس بصره ليكون مثلهم و يعيش بينهم فى سلام
لقد قرر أن يرى حتى لو كان ما يراه مختلفا !!
للأسف كثير من مبصرى اليوم لم يفعلوا مثله و قرروا أن يركعوا للضغط و ينحنوا للموجة
قرروا أن يخوضوا مع الخائضين حتى لو خالف ذلك ما يرونه و يعتقدونه حتى لو خالف ذلك ضمائرهم و مبادئهم
إن كان قد بقى منها شىء !
هان عليهم أن يطمسوا النعمة التى أنعم الله عليهم بها فقط ليكونوا مثل الغير فخسرو نعمة البصر و البصيرة
رضوا بالظلام و ليله الحالك فقط ليكونوا مثل غيرهم وصاروا عميانا بين العميان
قال الله تعالى: [
(فّإنَّهّا لا تّعًمّى الأّبًصّارٍ ولّكٌن تّعًمّى القٍلٍوبٍ التٌي فٌي الصَدٍورٌ} [الحج: 46]