من قبيل الخيال العلمى، دعونا نتصور الآتى:
ماذا يحدث لو نجح الحوار الوطنى بين الحكم وجبهة الإنقاذ وخرج الجميع الرئيس والجماعة والسلفيون والمعارضة المدنية وجبهة الإنقاذ بأفضل اتفاق مكتوب بين النخبة السياسية التى تتبادل مقاعد الحكم والمعارضة منذ فترة؟
هل يؤدى ذلك التوافق شبه المستحيل إلى تهدئة الشارع، والسيطرة على الغضب الجماهيرى، وتخفيف معدلات الاكتئاب، وإيقاف عنف الشوارع؟
لا بد أن نعترف بثلاث حقائق مخيفة وأساسية لأى محاولة تحليل دقيقة لمستقبل مصر القريب:
أولاً: باستثناء جماعة الإخوان وبعض القوى السلفية، فإنه لا توجد قوى لديها سيطرة على قواعدها التنظيمية بحيث تستطيع إخراجها للشارع أو سحبها منه وقتما تشاء.
ثانياً: أن قيادات جبهة الإنقاذ ذات المتوسط السنى الذى يصل فى حده الأدنى «الأستاذ حمدين صباحى يدخل فى الستين» وحده الأقصى للأستاذ عمرو موسى الذى يتجاوز «السابعة والسبعين»، هو رد فعل لقواها الشعبية الشبابية فى الشارع وليس العكس.
ثالثاً: أن هناك قوى شعبية كثيرة غاضبة موجودة فى الشارع الآن، لا تخضع لإدارة أو سيطرة أى قوى معروفة.
هذه القوى مجهولة الارتباطات أو الأيديولوجية أو القيادة، وهذا وضع مقلق ومخيف.
هذه الحقائق أو الافتراضات إن صحت فهى تعكس حالة شديدة السيولة تفتح أبواب كافة الاحتمالات على مصراعيها وتضع مستقبل استقرار الشارع المصرى فى مهب الريح.
لذلك كله، دعونى أغرد خارج السرب وأقول إننى أعول كثيراً على توافق الحكم والمعارضة -رغم أهميته الكبرى فى التهدئة- فإنه حل متأخر وعلاج يأتى بعد فوات الأوان لمريض دخل غرفة الإنعاش.
أنا غير متفائل إطلاقاً بمحاولات إصلاح خجولة ومتأخرة ومترددة تأتى على أرضية مفروشة بالدماء والغضب.
ولعله برنارد شو، الذى قال: «إن السياسة مثل قصص العشق، يلعب فيها التوقيت المناسب أهم العناصر».[b]