السلام عليكم ورحمة اللّه تعالى وبركاته سيّدتي الفاضلة، أنا في قمة الحزن والشجن فحالتي لا تسر عدوا ولا حبيبا، كما أنني في أمسّ الحاجة إلى من يحتضن آهاتي بعد أن فشلت كرجل في استجماع قواي لمواجهة مشكلتي.لم يكن زواجنا سيدتي جُزافا، حيث أننا كنا على علاقة بحكم أننا نعمل في نفس المؤسسة، فارتبطنا وكان الأمل يحذونا في أن نغنم السعادة الأبدية، فكانت سنوات زواجنا الأولى قمة في الحلاوة، إلا أن الرياح تجري بما لا تشتهيه السفن، حيث انقلبت سعادتنا تعاسة، فبمجرد حصولي على ترقية من المصلحة التي أعمل بها، وبمجرد انتقالي إلى إدارة أخرى عكس الإدارة التي كنت أعمل بها، تغيّرت تصرفات زوجتي تجاهي. على الرغم من أنني سيدتي واللّه شاهد على ما أقوله لم أكن أدّخر جهدا في إسعادها وإدخال البهجة والسرور إلى قلبها، وقد باتت تتهمني بأنني أحاول استمالتها واستغفالها، فأنا أعمل مع ثلة من الزميلات اللواتي تحرصن على الالتفاف بي والوقوف دائما إلى جانبي، نظرا لعدم خبرتي في المصلحة الجديدة، فتحولت جل أحاديثنا بعد ولوجي المنزل إلى استجوابات لا تطال إلا مجرما تم إلقاء القبض عليه بتهمة لا ذنب له فيها سوى أنه محل القليل من الشكوك.في البدء حاولت تفسير الأمر على أنه يعود إلى عدم تقبّلها البعد، حيث أننا لم نعد معا كما كنا في السابق، إلا أنني تفاجأت بها تتهمني بأنني صرت سعيدا بهذا البعد الذي جعلني أضرب بكل ما جمعنا من حب عرض الحائط، كيف لا وقد أصبح أمامي من النساء أشكالا وألوانا ما يجعلني غير قادر حتى على تذكرها أو التفكير فيها حتى.وقد أصبح تأخري في الدخول إلى المنزل، وتخلي عن بعض الواجبات المنزلية نقطة ارتكاز عملت زوجتي من خلالهاعلى اتهامي بالتهرب من مسؤولية المنزل، فضلا عن أنها أصبحت بدورها تهمل كل ما يتعلّق بهندامي ومأكلي، مصرّة على أنها ليست بمغفلة حتى تجعلني في أبهى حلة أمام عشيقاتي مثلما تصر هي على تسميتهن، واللّه وحده أعلم بأن ما بيني وما بين زميلاتي لا يتعدى حدود الصداقة. أكثر ما يشغل بالي وتفكيري سيدتي، أن زوجتي باتت تطالبني بتطليقها وتسريحها فهي لا تريد العيش مع رجل تحوم حوله العديد من الشكوك، كما أنها أخطرتني بأن أي محاولة مني لتبرئة نفسي من الشكوك التي تريد تلفيقها لي، لن يزيدها إلا دليلا على إدانتي بجرم واللّه لم أقترفه، فماذا عساي أفعل سيّدتي، هل أذعن لرغبتها وأطلقها وأنا أحبها حبا لا يوصف؟ أم أصبر على هم صار روتينا بالنسبة لي حتى تعود الأمور إلى مجراها الطبيعي؟ أنيري دربي سيّدتي فأنا بأمس الحاجة إلى كلمة طيبة منك.
المعذب من العاصمة
الرّد:
من السيء أن يقابل القلب البريء بالشك والضغينة، ومن المؤلم أن يحس القلب المحب بأنه تعرّض للإهانة والقهر، وهذا ما أود أن أفتتح به ردي عليك أخي، حيث أنني أتفهم ما تحسه من حسرة وألم.زوجتك أخي لم تكن على حق في هذا التعامل المجحف معك، حيث أنها تسرعت ولم تمنح نفسها وقتا تستقصي من خلاله التغيرات التي تكون قد طرأت في حياتك، فمادمت لم تتغير تجاهها ومادام الحب باق في قلبك تجاهها، فلا مناص لها من أن تتذمر وتفسد عليك فرحتك وسعادتك بالمنصب الجديد. فكر مليا في الموضوع، وحاول أن تضع نفسك مكانها، فماذا كانت ستكون ردة فعلك لو أن زوجتك استفادت من ترقية في عملها، وما كانت ردة فعلك ستكون عليه، حيث أن الغيرة من المؤكد أن تكون في موعدها معك وهذا يعتبر أمرا عاديا بالنسبة لأي زوجة أو زوج يحرص كل واحد منهما على حب الآخر والتوجس من فقدانه، فكيف لك أخي أن تتذمر من تصرفات زوجتك العادية وأنت الذي اعترفت بأنك تغيّرت حيالها؟ سترتكب أبشع حماقة أخي لو أنت أذعنت لرغبة زوجتك وقمت بتطليقها، حيث أنك لن تنهي المشكلة بقدر ما ستزيد من حجم الضغينة والكره والبغضاء الذي ستحمله زوجتك لك حتى وهي بعيدة عنك، وما عليك أخي إلا أن تعتبر أن ما تمر به من فتور في علاقتك برفيقة دربك، ما هي إلا فترة يمر بها غالبية الأزواج، فبعد الزواج وبعد أن تخيّم السعادة على عش الزوجية تظهر بعض المشاكل البسيطة التي ومن فرط حساسية كل طرف وغيرته على الطرف الآخر، يحسب وكأن نهاية العالم قد قربت بفعل أمر بدر من الشريك، فيحدث ما يسمى بالصدمة التي قد تدفع صاحبها للتهور، وهذا تماما ما حدث لزوجتك التي طلبت منك الطلاق كردة فعل منها على التغيّر الذي مسّك والذي كلّفها انشغالك عنها وابتعادك عن المصلحة التي تعمل بها، والتي احتضنت ومنذ زمن ليس بالبعيد حبكما الذي كُلّل بالزواج، وكأني بها اتخذت من الهجوم أفضل طريقة للدفاع عن حبها وهيامها بك، فأعذرها أخي وتفهم أمرها ولا تزيدن الطين بلّة، وحاول في المقابل أن تعمل على استعادتها واسترجاع الثقة التي كانت بينكما، من خلال بعض المعاملات البسيطة منك إليها، كأن تساعدها في الأعمال المنزلية، وبأن تصطحبها يوميا إلى العمل حتى تعزّز فيها ثقتها بنفسها، وحتى ترتاح من جهتك ولا تحسّ بأن هناك من يهدد استقرارها من زميلاتك، كما أنه يمكنك أن تصطحبها إلى مكتبك الجديد حتى تكون لديها فكرة عن طبيعة عملك، وتعاملك مع كل من يحيط بك من قريب أو بعيد. الحل بين يديك أخي والتهور هو أول شيء عليك أن تتخلص منه، حتى تسمو علاقتك الزوجية إلى كل ما فيه خير وصلاح لك بإذنه عز وجل.
ردت نور
الجزائر- النهار أون لاين[b]